القروض العقارية والقروض المتعثرة للأسر تسجل مستويات قياسية في نهاية 2024
تسهيلات السحب على المكشوف تتحول لدوامة للأجراء وتتطلب تدخلا من هيئات الرقابة

على مدى 20 سنة الأخيرة تضاعفت القروض البنكية في المغرب 5 مرات، وهو رقم قريب من مستوى نمو الناتج الخام الداخلي، الذي تضاعف بدوره 4.5 مرات خلال نفس الفترة. وبلغ إجمالي الإقراض البنكي 1166.3 مليار درهم في نهاية سنة 2024، ممثلا 76 % من قيمة الناتج الخام الداخلي الذي ناهز بدوره المستوى القياسي لـ 1500 مليار درهم. وبذلك، فإن النمو القوي للإقراض البنكي يعكس بشكل كبير التوسع الاقتصادي القوي الذي عرفته البلاد خلال هذه الفترة، إضافة إلى تحسن شروط الوصول للتمويلات البنكية سواء بالنسبة للأسر أو المقاولات.
غير أن الظرفية الاقتصادية الحالية المتسمة بانكماش النمو والتوجه الارتفاعي لمعدلات التضخم والفائدة أصبحت محفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة لمديونية الأسر، التي بلغت في مجملها 367.4 مليار درهم في نهاية 2024، ممثلة حصة 32% من إجمالي القروض البنكية. وتتشكل مديونية الأسر أساسا من القروض العقارية بحصة 67.54%، وقروض الاستهلاك بنسبة 15.93%، ثم تسهيلات السيولة (السحب على المكشوف) بحصة5.7%. بينما تمثل القروض المتعثرة حصة 10.83% من إجمالي مديونية الأسر.
وتتطلب تسهيلات السيولة للأسر اهتماما خاصا في ظل الظرفية الحالية. فرغم أنها لا تمثل سوى أقل من 6% من المديونية الإجمالية للأسر، إلا أن لها وقع كبير على ميزانية أسر الأجراء والموظفين المستفيدين منها نظرا لطبيعتها. فعقود تسهيلات السيولة تسمح للزبون بسحب مبالغ تقارب قيمة دخله الشهري على المكشوف، عندما يستهلك كامل رصيده البنكي. لكن المشكلة أن أداء ما تم سحبه يقتطع بالكامل من دخله الشهري المقبل دفعة واحدة. فيبدأ الشهر في وضعية صعبة، أي من الصفر، وبذلك يضطر مرة أخرى للجوء إلى السحب على المكشوف. فيجد نفسه في دوامة. يمكن القول أن منفعة هذا القرض بالنسبة للزبون لا تتعدى الشهر الأول فقط، بعد ذلك يضطر الزبون في بداية كل شهر لللسحب من جديد بسبب الفجوة المترتبة عن أداء قرض الشهر الماضي. وقد تستمر هذه الدوامة لسنوات طوال، يؤدي خلالها الزبون فوائد ومصاريف القرض بشكل دائم، وهو ما يمثل حصة لا بأس بها من دخله السنوي. من بين الحلول المتاحة للخروج من هذه الدوامة إمكانية تحول القرض المتجدد إلى قرض استهلاك عادي. لأن هذا الأخير سيمكن من تقسيم قيمة القرض على عدة دفعات شهرية يمكن للزبون تحملها، بدلا من اقتطاع المبلغ بالكامل من دخله الشهري في بداية الشهر. وتبقى إشكالية هذه الدوامة التي يتخبط فيها العديد من الأجراء والموظفين من بين المشاكل التي تتطلب حلا، وربما عن طريق تقنين إمكانية تحويل عقود السحب على المكشوف إلى قروض استهلاك بعد تجددها عدة مرات متتالية، سيتم تحرير رقاب العديد من الأجراء والموظفين.
وحسب إحصائيات بنك المغرب عرفت تسهيلات السحب على المكشوف للأسر نموا قويا، خصوصا خلال فترة الأزمة الصحية حيث بلغت ذروتها خلال الربع الأخير من 2022، حيث ناهزت المستوى التاريخي لـ 26 مليار درهم. غير أنها عرفت انخفاضا حادا مع بداية 2023، حيث نزلت إلى 21.3 مليار درهم في يناير من نفس السنة. ومنذ ذلك الحين تذبذبت بين 20.2 مليار درهم و21.8 مليار درهم، وبلغت 21 مليار درهم في نهاية 2024.
قروض السكن للأسر تتطلب بدورها عناية خاصة في ظل التوجهات التضخمية التي تهدد بإمكانية فقاعة عقارية. فهذه القروض عرفت نموا قويا خلال العقدين الأخيرين، وتضاعفت أكثر 8 مرات منذ بداية الألفية، في سياق السياسات الرامية إلى تمليك المواطنين، خاصة تشجيع السكن المتوسط والاجتماعي وآليات تسهيل وضمان القروض العقارية (فوغاريم، فوغاليف…). وبلغ جاري هذه القروض مستوى قياسي في نهاية 2024، مع تسجيل 248.2 مليار درهم في دجنبر 2024، ممثلة 67.5% من إجمالي مديونية الأسر، و21.3% من إجمالي القروض البنكية.
أما قروض الاستهلاك فبلغت 58.5 مليار درهم، ممثلة 15.9% من مديونية الأسر في نهاية 2024. وترتبط هذه القروض بشكل خاص بنمو القروض العقارية، إذ يلجأ العديد من الزبناء إلى قرض استهلاكي لتمويل تسبيقات اقتناء العقار، بالإضافة إلى أن شراء منزل جديد يتطلب مصاريف الإصلاحات والتأثيث التي تمول في الغالب عن طريق قروض استهلاك. فضلا على ذلك يلجأ الزبناء للقروض الاستهلاكية في مجال تمويل اقتناء التجهيزات الإلكترونية والعطل والمناسبات والطوارئ.
أما القروض المتعثرة للأسر، فبلغت أعلى مستوى تاريخي لها في شهر سبتمبر 2024، بقيمة 40.67 مليار درهم، لتنخفض بعد ذلك تباعا وصولا إلى مستو 39.79 مليار درهم في نهاية دجنبر 2024.
مقنع لحسن