أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا في 4 غشت 2025 يقضي بإرجاع مشروع قانون المسطرة المدنية إلى البرلمان بعد رصد مخالفة عدد من مواده للدستور. واعتبرت المحكمة أن عشرة مواد من أصل 644 مادة تتعارض مع أحكام الدستور، مما يستدعي إعادة النظر فيها من قبل غرفتي البرلمان، مجلس النواب ومجلس المستشارين، قبل أن يُعاد عرض القانون مرة أخرى على المحكمة لمراقبة التوافق مع الدستور.
من بين المخالفات التي أوردتها المحكمة، وجود نص في المادة 17 يسمح للنيابة العامة بالطعن في قرارات قضائية نهائية خلال خمس سنوات، وهو ما اعتبرته المحكمة يهدد الأمن القانوني وثقة المواطنين في أحكام القضاء. كما أبدت تحفظها على المادة 84 التي تسمح بتبليغ الاستدعاءات بناءً على “المظهر الخارجي” للشخص، ما يُضعف ضمانات حق الدفاع. وبالنسبة لتنظيم الجلسات عن بعد، أكدت المحكمة أن المادة 90 لم تحدد بشكل واضح ضمانات حضور الأطراف وموافقتهم وسلامة التواصل وسرية البيانات، وهو ما يخالف مبادئ المحاكمة العادلة.
كما انتقدت المحكمة منع الأطراف من الرد على ملاحظات المفوض الملكي في المواد 107 و364، معتبرة ذلك تقييدًا غير مبرر لحق الدفاع ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص. أما المادة 339 التي تفرض تسبيب الأحكام فقط عند رفض الطلب، فوصفتها المحكمة بأنها تخالف المبدأ الدستوري الذي يلزم بتسبيب كل الأحكام دون استثناء.
وأشارت المحكمة إلى أن منح وزير العدل صلاحية الطعن في قرارات قضائية أمام محكمة النقض يشكل خرقًا لمبدأ فصل السلطات، إذ أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية وفق الدستور. كما رفضت المحكمة إدارة وزارة العدل للنظام المعلوماتي الخاص بتسجيل القضايا وتعيين القضاة، مؤكدة أن هذه المسؤولية يجب أن تبقى من اختصاص السلطة القضائية فقط لضمان استقلاليتها.
بناءً على هذا القرار، سيظل قانون المسطرة المدنية الحالي ساري المفعول إلى حين استكمال التعديلات اللازمة وإعادة عرضه على البرلمان ثم المحكمة الدستورية. وتُشير الأوساط القانونية إلى أن المحكمة قد تقبل النصوص المعدلة، في حين ينتظر أن تُصدر حكمها قريبًا بشأن مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي أثار جدلاً واسعًا.