كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير تحليلي جديد يغطي الفترة الممتدة بين سنتي 2000 و 2023، عن مسار متباين للتنمية في المغرب، يجمع بين إنجازات لافتة وتحديات متجددة.
فقد تمكنت المملكة، حسب التقرير، من تقليص معدلات الفقر بشكل شبه كامل، ودخول مصاف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، غير أن الأزمات المتلاحقة، من جائحة كوفيد-19 إلى موجات التضخم، أضعفت المكتسبات وأعادت الفوارق الاجتماعية إلى الواجهة.
وأظهرت البيانات أن الدخل الفردي الإجمالي تضاعف بنحو مرتين ونصف خلال العقدين الماضيين، منتقلاً من حوالي 11 ألف درهم سنة 2000 إلى 27 ألف درهم سنة 2023. ورغم الطفرة الإيجابية التي سُجلت ما بين 2000 و2014 بمعدل نمو سنوي قدره 3.5%، فإن القدرة الشرائية تعرضت لاحقًا لانتكاسات، خصوصًا مع انكماشها بـ5.4% خلال الجائحة وبـ2.5% سنة 2022 تحت ضغط التضخم، قبل أن تسجل تحسناً طفيفاً في 2023.
على صعيد محاربة الفقر، أكد التقرير أن المغرب حقق إنجازًا بارزًا يتمثل في تراجع نسبة من يعيشون تحت عتبة الفقر (1.9 دولار يومياً) إلى 0.3% فقط في 2022، بينما انخفض الفقر المطلق وفق المعيار الوطني من 15.3% في 2001 إلى 1.7% سنة 2019، قبل أن يرتفع مجددًا إلى 3.9% سنة 2022. وقد كان هذا الارتفاع أكثر حدة داخل المدن، حيث قفز عدد الفقراء من 109 آلاف إلى 512 ألفًا.
كما بيّن التقرير أن مؤشر الفوارق الاجتماعية (جيني) ارتفع من 38.5% في 2019 إلى 40.5% في 2022، ليقترب من مستوياته المسجلة في مطلع الألفية، وهو ما يعكس اتساع الفجوة بين الفئات الاجتماعية.
في المقابل، أحرز المغرب تقدماً لافتاً في مؤشرات التنمية البشرية، إذ انضم سنة 2023 لأول مرة إلى فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، مدعوماً بتحسينات في التعليم والصحة ومستوى المعيشة. كما تراجع الفقر متعدد الأبعاد من 11.9% إلى 6.8% بين 2014 و 2024، خاصة في الوسط القروي حيث انخفض من 23.6% إلى 13.1%، ما يعكس فعالية البرامج الاجتماعية الموجهة للساكنة القروية.