يحتضن قصر “السعدي” بمراكش نسخة جديدة من المعرض التشكيلي “من المغرب… بكل حب”، الذي افتتح في 18 ماي الجاري. يعد هذا الحدث الثقافي بمثابة احتفاء بالفن المغربي الحديث والمعاصر، حيث يقدم للجمهور ما يقارب 130 عملًا فنيًا من توقيع 65 فنانًا من المغرب والعالم العربي، وإفريقيا جنوب الصحراء.
يُعد المعرض ثمرة عقود من الاقتناء الفني قامت به إليزابيث بوشي-بوهلال رفقة زوجها الراحل جميل بوهلال، أحد أوائل المهندسين المغاربة، والذي ربطته علاقات صداقة بعدد من الأسماء المؤسسة في الساحة التشكيلية الوطنية، مثل أحمد الشرقاوي وجيلالي الغرباوي وأحمد لورديغي. ويكشف المعرض عن مسار فني وإنساني انطلق منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، واستمر عبر لقاءات وصداقات شخصية مع فنانين مغاربة يمثلون مختلف التيارات والمدارس التعبيرية.
إليزابيث بوشي-بوهلال، التي تولت في سن الثالثة والعشرين إدارة فندق “السعدي” بمراكش خلفًا لوالدها، أكدت أن شغفها بجمع الأعمال الفنية ينبع من الحب والتقدير للثقافة المغربية، مضيفة أن هذه المبادرة تمثل شكلًا من أشكال رد الجميل لما منحها المغرب من إلهام وتجارب إنسانية. وقد سبق أن نالت تكريمًا من جلالة الملك محمد السادس سنة 2014 خلال افتتاح متحف الفن الحديث والمعاصر بالرباط، عرفانًا بدورها في دعم الفن الوطني.
يقدم المعرض تجارب فنية تمتد من بدايات القرن العشرين إلى الوقت الراهن، مرورًا بمرحلة الاستقلال ومدرسة الدار البيضاء، وصولًا إلى جيل الألفية الثالثة الذي يعيد تعريف ملامح الفن المغربي برؤى معاصرة. ويضم فضاء العرض لوحات وصورًا وأعمالًا تركيبية تلامس موضوعات متنوعة، من بينها الجسد والهوية والروحانية والذاكرة والروابط الاجتماعية، في صيغة تدعو الجمهور إلى إعادة التفكير في العلاقة بين الفن والمجتمع.
يمثل هذا المعرض تجربة فنية غير تقليدية، حيث لا يتم اعتماد الترتيب الزمني، بل يقدم الفن من خلال موضوعات ورؤى تفتح المجال لتعدد القراءات وتنوع التفاعل. كما أن تركيبة المعرض تتيح لقاءات غير متوقعة بين فنانين ينتمون إلى فترات ومدارس مختلفة، لكنهم يجتمعون حول قضايا مشتركة وأسئلة معاصرة.
ويأمل المنظمون أن يسهم معرض “من المغرب… بكل حب” في توسيع دائرة التقدير للفن المغربي لدى الجمهور المحلي والدولي، وفي ترسيخ مكانة الفنان المغربي داخل المشهد الفني العالمي، من خلال عرض تجربة إنسانية غنية تقوم على اللقاء والحوار والانفتاح.