
تجمع نسخة مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة 2025، فنانين من مختلف الأقطاب، في هذا الحدث العالمي الاستثنائي، الذي يشكل جسرا حقيقيا بين الثقافات والديانات، إذ يشارك فيه أزيد من 200 فنان من 15 بلدا، استمرارا لروح مدينة فاس باعتبارها حاضرة تاريخية كانت على مر الدوام ملتقى للمعرفة والروحانية.
تمكن المهرجان، منذ انطلاقته عام 1998، من ترسيخ مكانة فاس كعاصمة للموسيقى الروحية، حيث تتحول أحياؤها العتيقة وساحاتها التاريخية، مثل “باب الماكينة”، إلى فضاءات للاحتفال بالتنوع الثقافي. بقيادة عبد الرفيع زويتن، رئيس مؤسسة “روح فاس”، نجح المهرجان في تعزيز قيم التسامح والانفتاح، محولاً النظرية إلى ممارسة يومية عبر الفن.
لا تقتصر فعاليات المهرجان على العروض الموسيقية، بل تمتد إلى حوارات فكرية عميقة ضمن “منتدى فاس”، الذي يناقش هذا العام موضوع “الثقافة والتراث: أي تعبيرات للانبعاث؟”. بمشاركة نخبة من المفكرين، مثل الأستاذين الجيلالي العدناني ويوسف بوكبوط، تم تسليط الضوء على ديناميات النهضة الثقافية في إفريقيا وحوض المتوسط، مؤكداً على دور التراث في تشكيل المستقبل.
تُكرّم الدورة الحالية إيطاليا، مهد النهضة الأوروبية، كضيف شرف، في إحياء للعلاقات التاريخية بين فاس وفلورنسا، المدينتين الرمزين للحوار بين الحضارات. يأتي هذا التكريم تتويجاً لمسار من التبادل الثقافي والفني بين المغرب وإيطاليا، مع عروض موسيقية تستحضر روائع التراثين المتوسطيين.
يقدم المهرجان هذا العام باقة متنوعة من العروض تجمع فنانيين من إيطاليا، تركيا، فرنسا، إسبانيا، وسويسرا، في لوحة فنية تزاوج بين الأصالة والمعاصرة. من التراتيل الروحية إلى الألوان الموسيقية العصرية، يشكل المهرجان فرصة للجمهور لاكتشاف عوالم جديدة عبر إيقاعات تنقلها فرق عالمية.
يواصل مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة مهمته كجسر للتواصل الإنساني، مؤكداً أن الفن يبقى لغة عالمية قادرة على تجاوز الحدود. في ظل التحولات العالمية الراهنة، تقدم فاس نموذجاً للتعايش، حيث تتحول الموسيقى إلى رسالة سلام ووحدة.