
بعد فترة من الترقب حول مآل إصلاح أنظمة التقاعد، تعود الحكومة إلى فتح هذا الملف الحساس ضمن إطار مؤسساتي جديد تقوده اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد، برئاسة رئيس الحكومة. وفي خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا الورش، وجهت رئاسة الحكومة دعوة رسمية إلى ممثلي المركزيات النقابية لحضور اجتماع يوم 17 يوليوز الجاري بالرباط، في مسعى إلى التوصل إلى توافق وطني يضمن إصلاحاً متوازناً يحقق الاستدامة المالية للصناديق ويصون الحقوق المكتسبة للموظفين والمتقاعدين. ويكتسي هذا الاجتماع طابعاً حاسماً بالنظر إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالمنظومة التقاعدية، وما يرافقها من رهانات تتطلب مقاربات تشاركية ومسؤولة.
وتأتي هذه الدعوة بعد أشهر من المشاورات الأولية وتصريحات النوايا، حيث تؤكد الحكومة عبر وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، على أهمية تقديم مشروع إصلاح متكامل مدعوم بخبراء وطنيين، مؤكدة أن الملف، الذي تم تأجيله مراراً، أصبح أولوية ملحّة.
وفي انتظار اجتماع 17 يوليوز، تستمر النقابات في التأكيد على ضرورة اعتماد حوار تشاركي حقيقي يضمن حقوق العاملين النشيطين والمتقاعدين، محذرة من اتخاذ قرارات أحادية قد تخلق توترا اجتماعياً في ظل اقتراب نهاية عهد الحكومة الحالية.
تتزامن هذه التحركات مع تحذيرات صدرت سابقاً عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي شدد على ضرورة اعتماد جدول زمني واضح ومُلزم لإصلاح شامل لنظام التقاعد، يشمل تحديث الدراسات الاكتوارية، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تضمن استدامة الصناديق. كما طالب المجلس بوضع قوانين وتنظيمات موحدة لتعزيز تلاقي أنظمة التقاعد في القطاع العام والخاص، مع مراعاة قدرة أصحاب العمل والمنتسبين على التمويل، من دون الإضرار بالقدرة الشرائية للمواطنين.
يُعتبر هذا الاجتماع المرتقب محطة حاسمة في مسار إصلاح طال انتظاره، ويأمل الجميع أن يفضي إلى توافق يحقق التوازن بين الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويرسخ العدالة الاجتماعية في منظومة التقاعد المغربية.