اختتمت الدورة الثلاثون من المهرجان الدولي لسينما المؤلف بالرباط فعالياتها بإعلان نتائج نسخة مميزة احتفت بتنوع الإبداع السينمائي العالمي، من خلال أعمال حملت رؤى جمالية جريئة وحمولات إنسانية عميقة. وكرّس هذا الموعد السينمائي مكانته كأحد أبرز المهرجانات الدولية بالمغرب، جامعاً بين اكتشافات جديدة وتجارب أصبحت اليوم مرجعاً على الساحة الفنية.
وتوّج الفيلم المونتينيغري “Obraz” بجائزة الحسن الثاني الكبرى، إلى جانب جائزة أفضل ممثل التي نالها Edon Rizvanolli عن أدائه القوي والمؤثر. ويغوص الفيلم في فترة الحرب العالمية الثانية داخل يوغوسلافيا، من خلال قصة طفل يتيم يهرب من وحدة فاشية ليجد الملجأ لدى رجل مسلم يجد نفسه أمام اختبار أخلاقي صعب بين حماية الطفل وتعريض أسرته للخطر. ويقدم الفيلم خلال 36 ساعة مكثفة سرداً إنسانياً ينتصر لقيم الرحمة والسلام في مواجهة العنف.
أما جائزة أفضل ممثلة فكانت من نصيب الممثلة الإيرانية فرشته حسيني عن دورها في فيلم “Dwelling Among the Gods” للمخرج Vuk Ršumović، حيث قدّمت أداءً حساساً بعمق عاطفي لافت ترك أثراً كبيراً لدى الجمهور ولجنة التحكيم. ومنحت لجنة التحكيم جائزة السيناريو للفيلم الياباني “River Returns” للمخرج Masakazu Kaneko، الذي قدّم حكاية شاعرية تستلهم الواقعية السحرية والعلاقة المتجددة بين الإنسان والطبيعة، في تأمل سينمائي حول الذاكرة واستمرارية القيم عبر الأجيال.
كما حصل الفيلم العراقي “Songs of Adam” للمخرج عدي رشيد على جائزة لجنة التحكيم، إضافة إلى تتويج خاص من FIPRESCI، نظراً لمعالجته المرهفة لمواضيع الذاكرة والطفولة والارتباط بالأرض، من خلال لغة بصرية جعلت من الطبيعة العراقية شخصية قائمة بذاتها.
وتواصلت الاحتفالية بالإعلان عن المتوجين في المسابقات الوثائقية والقصيرة. فاز فيلم “Yalla Baba” بالجائزة الكبرى للأفلام الوثائقية، بينما حصل “The Dying of the Light” على جائزة لجنة التحكيم، وتلقت أفلام “Shot the Voice of Freedom” و”Amerz” تنويهات خاصة. وفي مجال الأفلام القصيرة، تُوج “Chikha – Queen” كأفضل فيلم مغربي، فيما ذهب لقب أفضل فيلم تجريبي إلى “Scattered Sea”، وأفضل فيلم رسوم متحركة إلى “Ibuka, Justice”، وأفضل فيلم روائي قصير إلى “Almajhool”، وأفضل فيلم وثائقي قصير إلى “I Told You So”، مع تنويه خاص لفيلم “Gaza Bride 1717”.
وقد أكدت هذه الدورة قدرة المهرجان على خلق فضاء للتبادل الثقافي والتفاعل الفني بين مدارس سينمائية مختلفة، وعلى تعزيز حضور السينما المغربية إلى جانب الإنتاجات الدولية، مما يعزز مكانة الرباط كمدينة حاضنة للسينما العالمية، وملتقى لطاقات إبداعية من مختلف القارات.
