كتبت صحيفة “الاقتصادية” السعودية أن أزمة كورونا ستترك ندوبا طويلة الأمد على اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء، المثقلة بأعباء الديون والضغوط المالية بفعل التكلفة المالية، التي تحملتها لمواجهة الوباء، مبرزة أن الاستثمار في إفريقيا يشكل فرصة لإطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة البريطانية إيملي مالتون قولها أن إيجاد مساحة للتعافي الاقتصادي يتطلب من الحكومات المحلية والمجتمع الدولي العمل المشترك لاستعادة التوازن المفقود في الميزانيات العامة والخاصة، مذكرة بأن الدين العام يقدر الآن بأكثر من 66 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أعلى مما كان عليه قبل 15 عاما. غير أنها أكدت أن القارة السمراء لا تزال تمثل بيئة خصبة وثرية للاستثمارات العالمية، وإطلاق العنان لإمكاناتها الهائلة يتطلب إصلاحات جريئة وخططا استثمارية طموحة مدعومة من البلدان الثرية، مشيرة إلى أن استفادة القارة السمراء من الثورة الرقمية سيعزز مرونتها الاقتصادية، ويسهم في دمجها في الاقتصاد الدولي.
أما لويس مايلتون، الخبير في الاقتصاد الإفريقي والاستشاري في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فقال للصحيفة إنه “لدعم النمو المستقبلي في البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى ستكون هناك حاجة إلى مساعدة دولية لتلبية 245 مليار دولار من احتياجات التمويل الخارجي على مدى الأعوام الخمسة المقبلة”، مضيفا أن تمديد مبادرة مجموعة العشرين لخدمة الديون حتى نهاية العام، وبرنامج حقوق السحب الخاص التابع لصندوق النقد الدولي سيوفر نحو 23 مليار دولار للمساعدة في تعزيز السيولة. وتوقع أن يبلغ معدل النمو في اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء 3.4 في المائة مدعوما بالانتعاش العالمي، وزيادة التجارة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستئناف تدفقات رأس المال، مشيرا إلى أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بين 2020 و2025 سينمو في حدود 3.6 في المائة، وهو أقل بكثير مما هو عليه في بقية العالم، إذ تبلغ 14 في المائة.
وترى الصحيفة أن العام الجاري سيشهد تنافسا اقتصاديا متزايدا على إفريقيا، يمتد من إلغاء الديون إلى مد بلدان القارة باحتياجاتها من اللقاح. كما أنها ستكون موضع تركيز أمريكي أكبر في ظل إدارة بايدن، مؤكدة أن هذا الاهتمام يتجلى في عديد من القمم الدولية، التي ستعقد هذا العام لبحث الأفق الاقتصادية للقارة.
وتشير الإحصاءات الدولية إلى أن صادرات إفريقيا جنوب الصحراء من البضائع، التي تبلغ 338 مليار دولار سنويا، يتوجه خمسها فقط إلى بلدان داخل المنطقة، ما يكشف عن ضعف شديد للتجارة البينية، وهو ما يجعل من تنفيذ منطقة التجارة الحرة في القارة قضية حاسمة لتوسيع نطاق تعاونها، ومن ثم تطورها الاقتصادي.