كشف تقرير جديد صادر عن البنك الدولي بعنوان “إعادة تنشيط التنمية: اقتصاديات كوكب صالح للعيش” أن حماية البيئة ليست مجرد التزام أخلاقي، بل استثمار اقتصادي قادر على خلق فرص عمل وتحفيز النمو وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات المناخية. وأشار التقرير إلى أن ثمانية من كل عشرة أشخاص في البلدان منخفضة الدخل يعيشون بدون هواء صحي أو مياه نقية أو أراضٍ سليمة، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام التنمية الاقتصادية وإتاحة الفرص.
وأوضح التقرير أن إزالة الغابات تؤدي إلى اختلال أنماط هطول الأمطار وتجفيف التربة وزيادة موجات الجفاف، مما يسبب خسائر تُقدر بمليارات الدولارات. كما تناول التقرير ما يُعرف بـ”مفارقة النيتروجين”، حيث تسهم الأسمدة في رفع الإنتاجية، لكن الإفراط في استخدامها في بعض المناطق يضر بالمحاصيل والأنظمة البيئية، متسببًا في خسائر قد تصل إلى 3.4 تريليونات دولار سنويًا. وأضاف أن تلوث الهواء والماء يؤثر بشكل صامت على الصحة والإنتاجية والقدرات المعرفية، وهو ما يستنزف الإمكانات البشرية بشكل خطير.
وأكد البنك الدولي أن إدارة الموارد الطبيعية بكفاءة يمكن أن تخفض التلوث بنسبة تصل إلى 50%، في حين أن تحسين ممارسات استخدام الأسمدة النيتروجينية قد يحقق عوائد تفوق التكاليف بنحو 25 ضعفًا، إضافة إلى زيادة إنتاجية المحاصيل. كما أبرز أهمية تحسين خدمات المياه والصرف الصحي، مشيرًا إلى أن معالجة المياه بالكلور عند نقاط الاستخدام قد تنقذ حياة ربع الأطفال الذين يموتون سنويًا بسبب أمراض المياه. ولفت التقرير إلى فعالية أسواق التلوث التي تتيح آليات اقتصادية للحد من الانبعاثات، إذ يحقق كل دولار يُنفق في هذا الإطار عوائد تتراوح بين 26 و215 دولارًا.
وأفاد التقرير بأن البلدان أثبتت أن تحقيق النمو الاقتصادي لا يتطلب بالضرورة مزيدًا من التدهور البيئي، وجاءت تجاربها لتبرز أهمية التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية، وهي المعلومات التي توفرها أجهزة الرصد وصور الأقمار الاصطناعية لتعزيز الشفافية، والتنسيق بين السياسات لتجنب النتائج العكسية وضمان العدالة، والتقييم المنتظم للسياسات لضمان فعاليتها وتوسيع نطاق المبادرات الناجحة.