الجلابة البزيوية، المنسوبة إلى مدينة بزو بإقليم أزيلال، ليست مجرد لباس تقليدي يزين المناسبات، بل تحفة فنية تختزل عبق التاريخ المغربي وعمق التراث الأصيل. في هذا المركز الجبلي الهادئ، تنسج النساء بخيوط الصوف الناعم قصة صبر وإبداع تمتد لأسابيع، وأحيانًا لأشهر، لتخرج جلابة يدوية تلامس في نعومتها ورقتها خيوط الحرير.
وشكل معرض الفرس بالجديدة، في دورته السادسة عشرة، فرصة مميزة لتسليط الضوء على هذه الحرفة العريقة. داخل أروقة المعرض، اجتمع عشاق الفروسية والتراث والهوية المغربية في تظاهرة كبرى تجمع بين الأصالة والتجديد، فكان للجلابة البزيوية حضور بارز برواق “حرف المغرب” إلى جانب عروض الفروسية التقليدية وفضاءات الصناعات اليدوية.
وسط هذا الزخم، وقفت الحرفية حبيبة الزرادي، التي ورثت سر النسيج منذ سن الثانية عشرة، لتعرض أمام الزوار مسيرة عمرها مع “الخرقة البزيوية”. تقول حبيبة:
“رغم أن عملنا شاق ويتطلب الكثير من الصبر، فإن رؤية جلالة الملك والأمراء وهم يرتدون الجلابة البزيوية تجعلني أنسى التعب كله وأشعر بفخر كبير.”
كلماتها لامست قلوب الحاضرين، الذين رأوا في الجلابة البزيوية ليس فقط لباسًا تقليديًا، بل رمزًا للسيادة والوقار ارتبط عبر التاريخ بالملوك والأمراء، وتحول اليوم إلى أيقونة للهوية المغربية في محفل وطني وعالمي كمعرض الفرس.
إن حضور هذه الجلابة في معرض يحتفي بالفروسية والهوية الأصيلة، يرسخ مكانتها كجزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية، ويؤكد أن هذا الفن ليس مجرد ماضٍ محفوظ، بل حاضر حي يبعث على الاعتزاز ويَعِد بمستقبل يليق بتراث المغرب.
