
في سياق استعداد الجماعات الترابية لإطلاق مرحلة إعداد ميزانياتها برسم سنة 2026، وجّه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، دورية إلى الولاة والعمال والآمرين بالصرف، حدد فيها التوجهات العامة والأولويات الواجب اعتمادها خلال السنة المقبلة. وشدّد الوزير على ضرورة توجيه الموارد المالية نحو المشاريع ذات الأثر الملموس على الميدان، داعياً إلى تجاوز مرحلة التركيز على نفقات التسيير، وبناء ميزانيات فعّالة وواقعية تستجيب لتحديات المرحلة، وفي مقدمتها محاربة البطالة، وتحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحفاظ على الموارد المائية، وتقليص الفوارق المجالية.
وتتضمن الدورية أربعة محاور كبرى لتأطير قرارات الجماعات خلال إعداد ميزانياتها، تشمل دعم التشغيل وتنشيط سوق الشغل المحلي، وتعزيز الخدمات الاجتماعية خاصة في مجالي التعليم والصحة، واعتماد إدارة استباقية ومستدامة للموارد المائية في ظل تفاقم الإجهاد المائي الناتج عن التغيرات المناخية، إلى جانب إطلاق مشاريع للتأهيل الترابي منسجمة مع الأوراش الوطنية الكبرى.
وأكد لفتيت على أهمية ترشيد النفقات وتعزيز مصداقية الميزانيات من خلال احترام مبادئ التوازن المالي وتفادي المبالغة في تقدير المداخيل، مشيراً إلى ضرورة إخضاع المشاريع لمراقبة دقيقة أثناء مرحلة المصادقة، وضمان انسجام النفقات مع الأولويات التنموية الحقيقية. كما دعا إلى تقليص النفقات غير الضرورية مثل اقتناء السيارات والتجهيزات الثانوية، واعتماد برمجة ثلاثية السنوات تأخذ بعين الاعتبار كلفة الصيانة وضمان استدامة البنيات التحتية والمعدات.
وشددت الدورية كذلك على إعطاء الأولوية للمشاريع المبرمجة في إطار اتفاقيات موقعة أمام جلالة الملك، أو تلك المرتبطة بالسياسة الوطنية للماء، إضافة إلى تسريع تنفيذ الأوراش الجارية وترشيد استهلاك الطاقة والمياه. كما تم التأكيد على تحسين تدبير الموارد البشرية وتوجيه الدعم الجمعوي نحو المبادرات ذات الأثر المباشر على المواطنين.
وبهذا التوجه، تسعى وزارة الداخلية إلى إرساء دينامية جديدة في التدبير المالي للجماعات الترابية، قائمة على النجاعة والاستدامة والإنصاف المجالي، بما يضمن توجيه الموارد العمومية نحو مشاريع تنموية ملموسة تُسهم في تحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز الثقة في الحكامة المحلية.