
شهد مؤتمر “النمو العالمي 2025” الذي انعقد في العاصمة المغربية الرباط، تقديم “خارطة طريق الرباط”، وهي وثيقة استراتيجية تهدف إلى إعادة صياغة أسس النمو في القارة الإفريقية، استنادًا إلى مبادئ الاستدامة والعدالة والتضامن.
هذا الحدث الهام جمع أكثر من 700 من صناع القرار السياسي والاقتصادي من أكثر من 50 دولة، حيث شكل منصة حوار دولية حول مستقبل إفريقيا وإسهامها في إعادة تشكيل معادلة النمو العالمي على أسس أكثر إنصافًا.
خارطة الطريق الجديدة ليست مجرد توصيات، بل تشكل خطة عمل عملية مستوحاة من الرؤية الملكية لبناء إفريقيا موحدة ومتصالحة مع إمكاناتها. وتندرج هذه الوثيقة ضمن مقاربة واقعية وطموحة تسعى إلى مواجهة التحديات الحالية وتحويلها إلى فرص حقيقية لتحقيق النمو الشامل والمستدام.
وتعتمد خارطة الطريق على أربعة محاور استراتيجية مترابطة، أولها تعبئة التمويلات المبتكرة لدعم مسار التنمية المستدامة، وثانيها تعزيز التعاون الإقليمي والدولي بهدف تحقيق تكامل اقتصادي فعّال بين دول القارة. أما المحور الثالث فيتعلق بتسريع وتيرة الانتقال الطاقي العادل، في حين يركز المحور الرابع على تقوية القدرات البشرية والمؤسساتية، باعتبارها رافعة أساسية للنهوض بالمجتمعات الإفريقية.
وقد تم التأكيد خلال المؤتمر على أهمية متابعة تنفيذ خارطة الطريق بشكل منتظم، وذلك بإشراف من معهد “أماديوس” وبدعم من لجنة تتبع إفريقية. ومن المنتظر أن يتم تقييم مدى تقدم هذا المشروع خلال “منتدى ميدايز” المقرر عقده في نهاية سنة 2025 بمدينة طنجة، وكذا خلال النسخة المقبلة من مؤتمر “النمو العالمي” سنة 2026.
كما شكل المؤتمر مناسبة لتسليط الضوء على الأهمية الإستراتيجية للمبادرة الملكية الأطلسية، الهادفة إلى إنشاء ممر اقتصادي ساحلي يربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي عبر شبكة من البنيات التحتية المتكاملة تشمل مجالات النقل والطاقة والرقمنة.
ويُنتظر أن يساهم هذا المشروع البنيوي في فك العزلة الاقتصادية عن دول الساحل، من خلال تعزيز أمنها الإقليمي، ودعم استقلاليتها الطاقية، وتحفيز قدرتها التنافسية، في أفق بناء فضاء إفريقي أكثر اندماجًا وسيادة.