أعلنت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، رفضها القاطع لمشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، معتبرة أنه يشكل خطراً على مجانية التعليم العمومي ومبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة. وأوضحت النقابة في لها أن الحكومة أحالت المشروع على البرلمان بطريقة أحادية ودون أي تشاور مع الفاعلين النقابيين والتربويين، في ما اعتبرته تراجعاً عن مبادئ الحوار الاجتماعي ومقتضيات المنهجية التشاركية التي يفترض أن تواكب إصلاح قطاع حيوي بهذا الحجم.
وترى النقابة أن المشروع يتناقض مع روح الدولة الاجتماعية التي ترفعها الحكومة شعاراً في خطابها الرسمي، إذ ينص على تنويع مصادر تمويل التعليم ويفتح الباب أمام الشراكات بين القطاعين العام والخاص دون أن يكرّس بشكل واضح مبدأ المجانية، ما يثير مخاوف من فرض رسوم أو مساهمات مالية على الأسر مستقبلاً. كما اعتبرت أن النص يكرّس الهشاشة في صفوف العاملين بقطاع التعليم، خصوصاً في التعليم الأولي وغير النظامي، وهو ما قد ينعكس سلباً على جودة العملية التعليمية وعلى الاستقرار المهني لنساء ورجال التعليم.
وانتقدت النقابة ما وصفته بالسرعة غير المبررة التي تتعامل بها الحكومة مع هذا المشروع في سياق اجتماعي متوتر، مشيرة إلى أن تمرير نص بهذا الحجم في ظل ارتفاع المطالب بتحسين الخدمات العمومية يعكس غياب رؤية إصلاحية واضحة واستمرار اعتماد مقاربة تقنية ضيقة لا تراعي خصوصيات الواقع التربوي المغربي. كما نبهت إلى أن المشروع يعيد إنتاج نفس الاختلالات التي عطلت الإصلاحات السابقة ويغيب عنه أي تصور عملي لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية كمؤسسة مواطنة.
ودعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل جميع النقابات التعليمية والقوى الديمقراطية والجمعيات المدنية إلى توحيد الجهود في مواجهة ما وصفته بمشروع خطير يهدد المدرسة العمومية ويعمق الفوارق الاجتماعية، مؤكدة استعدادها لخوض كل الأشكال النضالية المشروعة دفاعاً عن مجانية التعليم وضمان حق كل طفل مغربي في تعليم عمومي منصف وعادل.
ويأتي هذا الموقف في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تسريع وتيرة إصلاح المنظومة التربوية ضمن رؤيتها الجديدة للمدرسة المغربية، غير أن الجدل الدائر حول مشروع القانون 59.21 يكشف حجم التوجس الذي يرافق هذا المسار، بين خطاب رسمي يدعو إلى إصلاح شامل ومنصف، ومخاوف نقابية من خصخصة مقنّعة قد تمس جوهر الحق في التعليم العمومي.
