الأخبارالمغرب

المجلس الاقتصادي والاجتماعي يحذر من هشاشة العمل غير المهيكل

شدد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبد القادر اعمارة، خلال لقاء تواصلي بالرباط، على أهمية إرساء توازن بين تنافسية المقاولات وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين، في ظل تزايد الأشكال الجديدة للتشغيل.

وأوضح اعمارة، في مداخلة تم نقلها عبر بلاغ للمجلس، أن سوق الشغل المغربي يشهد في السنوات الأخيرة تحولات متسارعة، أبرزها بروز صيغ تشغيل غير تقليدية لا تعتمد على نمط التوظيف الدائم والمهيكل، مشيرًا إلى أن هذه التحولات، وإن حملت فرصًا مهمة لأطراف العلاقة الشغلية، إلا أنها تطرح في المقابل تحديات قانونية واجتماعية تستدعي معالجة شمولية.

ومن بين هذه التحديات، أشار اعمارة إلى محدودية التأطير القانوني، والهشاشة الأجرية، والصعوبات المتعلقة بالولوج إلى خدمات الحماية الاجتماعية بشكل جزئي أو كلي، إلى جانب غياب تغطية كافية للحقوق الأساسية المرتبطة بالصحة والسلامة المهنية والتمثيلية النقابية.

وسجّل المجلس في تقريره أن مواجهة هذه التحديات يتطلب تطوير بيئة عمل مرنة وقادرة على استيعاب هذه الأشكال الجديدة، دون التفريط في المبادئ الأساسية للعمل اللائق، وعلى رأسها العدالة الأجرية، والحماية الاجتماعية، وحرية التنظيم النقابي، والحق في المفاوضة الجماعية.

وفي هذا الإطار، اعتبر عضو المجلس ومقرر الموضوع، محمد مستغفر، أن هذه الأشكال الناشئة تمثل فرصة للمملكة لتعزيز جاذبيتها الاستثمارية، وخلق فرص شغل جديدة، خاصة لفائدة النساء والشباب، مما يساهم في رفع إنتاجية المقاولات وتقوية تنافسيتها.

وبعد تشخيص الوضع القائم وتحليل التحولات المرتبطة بهذه الأشكال، قدم المجلس مجموعة من التوصيات، تمثلت في ضرورة الاعتراف القانوني بالتشغيل اللانمطي، وضمان توفير شروط العمل اللائق ضمن هذه الأشكال، من خلال تكييف شروط الاستفادة من الحماية الاجتماعية وتحديث أنظمة الصحة والسلامة لتشمل المخاطر المستجدة.

كما أوصى المجلس بتمكين العاملين في هذه الأشكال من التكوين المستمر، عبر تفعيل آليات مثل العقود الخاصة للتكوين لفائدة المقاولات، وشدد على ضرورة إدراج هذه القضايا ضمن محاور الحوار الاجتماعي، سواء على المستوى الوطني أو القطاعي، من أجل صياغة سياسات عمومية تشاركية ومبنية على التشاور.

واقترح المجلس أيضًا تمكين هذه الفئة من الحق في التفاوض الجماعي والتمثيلية النقابية، تمهيدًا لإبرام اتفاقيات جماعية تحفظ حقوقهم وتضمن استقرارهم المهني.

واختتم المجلس توصياته بالدعوة إلى إحداث آليات للرصد الاستشرافي، مهمتها تتبع تحولات سوق الشغل، وتحليل التغيرات في أنماط المهن والمهارات، وذلك عبر تعزيز قدرات المرصد الوطني لسوق الشغل، مع إشراك الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمؤسسات الإحصائية والبحثية.

ويأتي هذا التقرير في إطار إحالة ذاتية، تهدف إلى مواكبة انتشار الأشكال اللانمطية للتشغيل، مثل العمل عن بعد والعمل عبر التطبيقات الرقمية والعمل الجزئي، بما يضمن تطوير الاقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن بين متطلبات السوق وشروط العمل الكريم.

زر الذهاب إلى الأعلى