الأخبارمال و أعمال

المغرب يدخل مرحلة تصنيع الأدوية المشتقة من القنب الهندي

مع اقتراب نهاية السنة، يتهيأ المغرب لإطلاق مرحلة جديدة في مسار إدماج القنب الهندي القانوني ضمن الاقتصاد الوطني، من خلال تصنيع أدوية طبية مشتقة من هذه النبتة. فبعد مرور سنة على السماح ببيع بعض منتجات CBD (المادة الفعالة في القنب ذات الخصائص العلاجية) في الصيدليات، يستعد القطاع الصحي لخطوة نوعية تتمثل في تسويق خمسة عشر دواءً قبل متم هذه السنة.

ورغم أن الطلب على الـCBD العلاجي لا يزال محدوداً، إلا أن هذه المبادرة تمثل نقلة مهمة في تطوير صناعة دوائية جديدة بالمغرب، قائمة على البحث والابتكار. فحتى الآن، يقتصر تواجد منتجات القنب الهندي على بعض المكملات الغذائية والتجميلية، فيما تغيب الأدوية تماماً عن رفوف الصيدليات، ولا يصفها الأطباء بعد لمرضاهم، باستثناء حالات نادرة من المرضى المطلعين.

تشير المعطيات إلى أن 67 منتجاً مشتقاً من القنب الهندي تم تسجيله لدى الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، من بينها 26 منتجاً تجميلياً و41 مكملاً غذائياً، وذلك في انتظار إدراج الأدوية العلاجية قريباً. ويُعد التسجيل لدى مديرية الأدوية والصيدلة شرطاً إلزامياً قبل تسويق أي منتج محلياً أو للتصدير، ما يعكس حرص السلطات على ضمان الجودة والسلامة.

وفي السياق ذاته، تواصل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالقنب الهندي عمليات المراقبة بشكل مكثف، حيث بلغ عددها إلى حدود نهاية 2024 نحو 2202 عملية شملت الزراعة، واستيراد البذور، والتسويق، والتصدير، والتحويل، إضافة إلى مراقبة النقل التي استحوذت على الحصة الأكبر.

عرف موسم 2024 توسعاً كبيراً في المساحات المزروعة بنبتة “البلدية”، إذ بلغت حوالي 4400 هكتار مقابل 1400 هكتار فقط الموسم الماضي، أي بزيادة تفوق ثلاثة أضعاف. وتوزعت هذه المساحات على الأقاليم الثلاثة المشمولة بالتقنين: تاونات، وشفشاون، والحسيمة، مع انخراط نحو 4490 فلاحاً ضمن حوالي 250 تعاونية. كما تمت زراعة 1340 هكتاراً بصنف مستورد من البذور تحت إشراف المكتب الوطني للسلامة الصحية، لفائدة 1650 فلاحاً منخرطين في 50 تعاونية مرخصة.

هذه الدينامية تؤكد أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تحويل القنب الهندي من نشاط غير مهيكل ارتبط تاريخياً بالاقتصاد الموازي، إلى رافعة تنموية توفر مداخيل قانونية للفلاحين، وتفتح المجال أمام صناعة دوائية متطورة. ومع تزايد الاهتمام العالمي بمنتجات القنب ذات الاستعمالات الطبية والتجميلية والغذائية، يمتلك المغرب فرصة لتعزيز مكانته في سوق دولي متنامٍ، مع توفير علاجات جديدة لمرضى يعانون من أمراض مزمنة وآلام مستعصية، ضمن إطار قانوني صارم يضمن السلامة والجودة.

زر الذهاب إلى الأعلى