
في ظل تصاعد التحديات المرتبطة بندرة المياه في المناطق الجافة، باشرت الدولة تعزيز آليات الحكامة المستدامة للموارد المائية، من خلال إطلاق مشروع لإعداد “عقد مائي” يخص النظام الجوفي الرشيدية–تنجداد.
وأعلنت وكالة الحوض المائي كير–زيز–غريس عن اختيار مكتب الدراسات “أنزار كونسيل” لإنجاز دراسة لوضع هذا العقد، الذي يُعد آلية تشاركية تهدف إلى تأطير استغلال المياه الجوفية المهددة بالاستنزاف، بفعل الاستعمال المكثف في القطاع الفلاحي وتداعيات التغير المناخي، وضمان استدامة التزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي.
ويهدف العقد إلى تحقيق توازن في استغلال الموارد الجوفية، واسترجاع صبيب العيون، وحماية النظم البيئية المحلية، في مقدمتها الدويات والمناطق الرطبة، مع المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للمنطقة.
وبحسب معطيات وزارة الماء، تقع أحواض كير وزيز ضمن مناطق تدخل وكالة الحوض المائي كير–زيز–غريس، المعروفة بمناخها الجاف وشح مواردها المائية، التي تعتمد أساسًا على المياه الجوفية. وقد شهدت هذه الأحواض خلال السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في منسوب المياه نتيجة الاستغلال المفرط والتغيرات المناخية، مما يشكل تهديدًا لمستقبل التزود بالماء الشروب والسقي.
ويأتي هذا المشروع ضمن رؤية أوسع تهدف إلى تأمين الموارد المائية بالمنطقة، من خلال مجموعة من الأوراش الكبرى، منها:
إنشاء سد “خنك غرو” بإقليم فكيك بطاقة تخزينية تبلغ 1.07 مليار متر مكعب، وبلغت نسبة تقدم الأشغال به نحو 49%.
استغلال سد “تاغوشت” بإقليم الرشيدية بطاقة 4.5 مليون متر مكعب.
بناء سد “هريهرة” بإقليم فكيك بطاقة 11.6 مليون متر مكعب.
بدء أشغال سدين صغرين “أمصاد” و”خنك المايدر” بإقليم تنغير.
كما تم تفعيل مشروع لإدارة مستدامة للمياه الجوفية في محور مسكي–بُودنيب، من خلال تركيب 18 عدادًا ذكيًا لمراقبة استهلاك المياه في الآبار، مع مواصلة تركيب 135 عدادًا إضافيًا، في إطار جهود عقلنة استخدام هذه الموارد.
وتجدر الإشارة إلى أن حوض كير–زيز–غريس عرف ست سنوات متتالية من الجفاف، حيث سجل الموسم الهيدرولوجي 2023-2024 عجزًا مطريًا بنسبة 34.4% مقارنة مع المتوسط السنوي. غير أن الثلث الأول من الموسم 2024-2025 سجل فائضًا بنسبة 43.8%، ما انعكس إيجابًا على منسوب السدود والفرشات المائية، إذ بلغ مجموع واردات المياه نحو 279 مليون متر مكعب، أي بزيادة بنسبة 62% عن المعدل السنوي.