حافظ المغرب على تصنيفه الائتماني “B” في تقرير Coface Risk Review الصادر في أكتوبر 2025، وهو مستوى يعكس مخاطر متوسطة ويؤكد مكانة المملكة كـ أفضل بلد مصنف في شمال إفريقيا. ويأتي هذا التصنيف في سياق عالمي يشهد توترات سياسية وتجارية متزايدة وارتفاعاً في حالات إفلاس الشركات.
توضح “كوفاس” أن هذا التقييم يستند إلى تحليل معمق للبيانات الاقتصادية والمالية والسياسية لـ160 بلداً، بهدف قياس مستوى مخاطر التعثر التي تواجهها الشركات في معاملاتها الدولية. وتُصنّف “كوفاس” الدول على مقياس يتراوح بين “A1″ (مخاطر ضعيفة جداً) و”E” (مخاطر قصوى)، ويعني تصنيف «B» أن المغرب يواجه درجة مخاطر متوسطة إلى مرتفعة بالنسبة للمؤسسات، رغم أنه يبقى الأكثر استقراراً في المنطقة مقارنة بكل من الجزائر وتونس وموريتانيا ومصر وليبيا.
ويرجع التقرير أسباب هذا المستوى إلى الطابع الهش للنسيج الاقتصادي المغربي، الذي يضم حوالي 90% من المقاولات الصغيرة جداً، إضافة إلى انتشار الأنشطة غير المهيكلة، رغم أن الاقتصاد الوطني يُظهر قدرة واضحة على الصمود بفضل استقراره المالي وانفتاحه الاستثماري.
على الصعيد الدولي، تشير “كوفاس” إلى أن الاقتصاد العالمي أبدى مقاومة مفاجئة لتداعيات ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية والتوترات التجارية بين القوى الكبرى. إذ تتوقع المؤسسة نمواً عالمياً بنسبة 2,6% سنة 2025، مقابل 2,4% في 2026، مدعوماً بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي وبالطلب الداخلي القوي في الولايات المتحدة، رغم تباطؤ الصين وضعف الأداء في منطقة الأورو.
لكن هذا الانتعاش لا يخفي الجانب المقلق من المشهد، حيث تتزايد حالات الإفلاس بنحو 4% في الاقتصادات المتقدمة، خصوصاً في أوروبا وآسيا، مما يدفع إلى التحذير من هشاشة العديد من القطاعات، وفي مقدمتها البناء والفندقة.
أما على المستوى الإفريقي، فيتوقع التقرير تحسناً في آفاق النمو ليبلغ 4,1% سنة 2025 و4,2% سنة 2026، مدفوعاً بانخفاض أسعار الطاقة والغذاء وتراجع الدولار، وهي عوامل تدعم الاستهلاك وتخفف الضغط على موازنات الدول. غير أن “كوفاس” تحذر من استمرار ضعف احتياطات الصرف لدى بعض البلدان المصدرة للنفط والماس، واعتمادها الكبير على التمويلات الخارجية.
ويشير التقرير أيضاً إلى تصاعد غير مسبوق في مؤشر المخاطر السياسية والاجتماعية عالمياً، الذي بلغ مستوى قياسياً قدره 41,1%، ما يجعل الاستقرار السياسي عاملاً محورياً في تقييم الأداء الاقتصادي الدولي.
وفيما تظل منطقة الخليج واحدة من نقاط التوازن القليلة في المشهد العالمي، أشادت “كوفاس” بالتقدم الهيكلي المحقق في السعودية والإمارات، اللتين شهدتا تحسيناً في تصنيفهما بفضل التحولات الاقتصادية العميقة ومكانتهما المتزايدة كوجهتين رائدتين للاستثمار.
ويخلص التقرير إلى أن المغرب، رغم التحديات البنيوية، يواصل ترسيخ صورته كاقتصاد متوازن ومتين في بيئة إقليمية مضطربة، بفضل استقراره السياسي، وتقدمه في مجالات الطاقة الخضراء والصناعة، واستمراره في جذب الاستثمارات الأجنبية.