تنظيم القطاع يرفع واردات الذهب الصناعي إلى مستويات قياسية

سجلت واردات المغرب من الذهب الصناعي ارتفاعًا غير مسبوق بلغ %144 خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025، لتصل قيمتها إلى 722 مليون درهم، مقابل 295 مليون درهم خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، بحسب ما كشفه آخر تقرير لمكتب الصرف حول المبادلات الخارجية.

ويأتي هذا الارتفاع الكبير في وقت يشهد فيه السوق العالمي للذهب حالة من الاضطراب، بسبب استمرار التوترات الجيوسياسية وتخفيف السياسات النقدية من طرف البنوك المركزية الكبرى بعد سنوات من التشديد المالي، وهو ما أدى إلى صعود أسعار الذهب الخام.

لكن، ووفق توضيحات رئيس الفدرالية المغربية للصياغين، إدريس الهزاز، فإن هذا النمو لا يعكس زيادة في الطلب الحقيقي داخل السوق الوطنية، بل يرتبط أساسًا بعملية واسعة لتنظيم القطاع وتحويل المعاملات من القنوات غير المهيكلة إلى الرسمية. وقال الهزاز في تصريح لموقع “ميديا 24”: “الأرقام تعكس فقط انتقالًا تدريجيًا من القطاع غير المهيكل إلى القطاع المهيكل، وليس انتعاشًا فعليًا في السوق”.

وأوضح أن هذه الدينامية في “التقنين” جاءت نتيجة تطورات ملموسة، منها تنفيذ عمليات حجز لكمّيات من الذهب خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى تراجع نشاط الوسطاء في السوق الموازية. وأضاف: “في أوروبا، أصبح الممونون يشترطون ضمانات إضافية ويطالبون برسوم أعلى، ما دفع العديد من المستوردين إلى اللجوء إلى القنوات الرسمية باعتبارها الخيار الأكثر عقلانية”.

ومن أبرز التحديات التي تواجه المستوردين، حسب الهزاز، القيود التنظيمية المرتبطة بتحويل الأموال إلى الخارج، حيث لا تسمح قواعد الصرف المغربية بتحويل مبالغ كبرى دون مقابل مادي فوري، في حين يشترط منتجو الذهب في الخارج الحصول على دفعات مسبقة قد تصل إلى %90 من قيمة الصفقة، وهو ما يدفع البعض إلى البحث عن حلول خارج المساطر القانونية.

وللتغلب على هذه الإشكالات، لجأت بعض المجموعات المهنية إلى خلق شركات موحدة والتفاوض مع السلطات للحصول على تراخيص خاصة تتيح دفع إجمالي مبلغ الصفقة قبل استلام البضاعة. وأشار الهزاز إلى أن الحوار مع السلطات أفضى إلى تقليص مدة الانتظار للحصول على الترخيص من سنتين إلى ستة أشهر فقط.

وأكد أن هذه الإجراءات تمثل تحولًا إيجابيًا نحو تنظيم السوق وتعزيز شفافيته، وتُعدّ خطوة مهمة نحو الحد من التهريب وتشجيع الفاعلين على العمل داخل الإطار القانوني، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعزز مداخيل الدولة.

Exit mobile version