كشفت دراسة حديثة للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عن استمرار التمييز بين الجنسين داخل المؤسسات التعليمية الثانوية، مشيرة إلى تجذر الصور النمطية والأحكام المسبقة في الوسط المدرسي، رغم الإصلاحات التربوية التي شهدها المغرب خلال العقود الأخيرة.
وشملت الدراسة النوعية 13 مؤسسة تعليمية ثانوية بجهتي الرباط-سلا-القنيطرة والدار البيضاء-سطات، واستهدفت الفئة العمرية ما بين 15 و19 سنة، باعتبارها مرحلة مفصلية في تشكل تصورات ومعايير النوع الاجتماعي لدى التلاميذ والأطر التربوية والإدارية.
وحسب خلاصات التقرير، فإن الفتيات يُنظر إليهن داخل الثانويات ككائنات أضعف جسدياً، وتُربط شخصيتهن بالعاطفة والتعاطف، في مقابل ربط الذكور بالحزم والعقلانية، مما ينعكس بشكل مباشر على خيارات التوجيه الدراسي والمهني.
ووقفت الدراسة على استمرار خطاب “التمييز الجنسي الحميد”، الذي يُعيد إنتاج الصور النمطية في صيغ تبدو ظاهرياً مساواتية، لكنها تخفي تراتبية تقليدية يصعب رصدها. كما تم رصد حالات يُحمّل فيها جسد الفتاة مسؤولية التحرش، من خلال ربطه بطريقة اللباس، ما يعكس ثقافة لوم الضحية السائدة.
وأكدت الدراسة أن نظام الاختلاط في الثانويات غالباً ما يُقيد بإجراءات فصل غير معلنة، من بينها ترتيب الجلوس داخل الأقسام أو تخصيص أنشطة رياضية حسب الجنس، خاصة في المناطق القروية وشبه الحضرية، حيث تلعب الهشاشة الاجتماعية وضعف الوعي الحقوقي دوراً في ترسيخ الفكر الذكوري.
وسجلت الدراسة أن أساتذة بعض المواد، خاصة مادة التربية الإسلامية، يفضلون الحديث عن “العدل” و”التكامل” عوضاً عن المساواة، ما يخلق لدى التلاميذ حالة من الغموض والارتباك. كما تم التنبيه إلى استمرار تداول صور نمطية في المقررات الدراسية، حيث تظهر النساء غالباً في أدوار خاضعة أو أمية.
وأشارت الدراسة إلى أن الفضاء الرقمي يمثل بدوره مصدراً لتكريس التمييز، من خلال ما تنشره الخوارزميات والمحتويات المؤثرة التي تعزز الصور النمطية.
وفي تعليقها على نتائج الدراسة، قالت أمينة لطفي، عضوة المكتب التنفيذي للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إن المدرسة المغربية لا تزال تكرّس اللامساواة بدل محاربتها، مضيفة أن المنظومة التعليمية بحاجة إلى رؤية شاملة وطموحة ترتكز على مبدأ المساواة الكونية، تُترجم إلى إستراتيجية واقعية ذات أهداف قابلة للقياس، وموارد بشرية ومالية ملائمة، وآليات تتبع وتقييم فعالة.
وأكدت لطفي أن “لا مجال لأنصاف الحلول، ولا يمكن تحقيق تنمية مستدامة دون التزامات واضحة وإرادة سياسية تجعل من المدرسة فضاءً للعدالة والمواطنة والمساواة الحقيقية”.