الأخبارالمغرب

دعوات لإشراك المهنيين من أجل تعزيز التنظيم الذاتي للصحفيين

دقّ صحافيون وباحثون في الإعلام ناقوس الخطر بخصوص مستقبل مهنة الصحافة في المغرب، محذرين من أن مشروع القانون الجديد المنظم للمجلس الوطني للصحافة، لا يعزز مبدأ التنظيم الذاتي كما كان مأمولاً، بل يفتح الباب أمام تدخل السياسة في شؤون المهنة، بما يهدد استقلاليتها وقيمها الأخلاقية. وأجمع المتدخلون على أن الواقع الحالي يفرز مشهداً “سريالياً” يُقيد عمل المجلس الوطني للصحافة، في حين تكشف التجارب الدولية، خاصة الأوروبية، أن الطريق الأنجع لحماية حرية التعبير وضمان حقوق القارئ يمر عبر تنظيم ذاتي مبني على توافق المهنيين.

وخلال ندوة تفاعلية، نظمتها الجمعية المغربية للصحافيين الشباب، لمناقشة مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة، أكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الكبير اخشيشن أن الأوضاع المهنية للصحفيين بالمغرب “مؤلمة”، مشيرا إلى أن النقابة الوطنية للصحافة خاضت منذ 1993 نضالا نقابيا من أجل بلورة هيئة للتنظيم الذاتي، تضطلع بأدوار حماية المهنة بنفسها، في إطار احترام أخلاقيات الصحافة. وأبرز أن الهشاشة المزمنة التي يعيشها الصحفيون، والرداءة التي فتحتها مواقع التواصل الاجتماعي، تفرض توفير ظروف وسياقات مناسبة لتفعيل التنظيم الذاتي، داعيا إلى استدراك خيبات الماضي وتحصين حرية التعبير باعتبارها حقا من حقوق الإنسان.

من جانبه، توقف محمد كريم بوخصاص، أستاذ الصحافة والإعلام عند التجارب الأجنبية في مجال التنظيم الذاتي، مستحضرا تجربة السويد منذ 1916، حيث أُحدث وسيط لحسم الجدل حول نشر وثائق حساسة بعد الحرب العالمية الأولى، وهو ما أسس لوعي جماعي بعدم تدخل الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين في شؤون الصحفيين. وأشار إلى أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية ساهمت بشكل فعلي في إخراج قانون المجلس سنة 2016، غير أن المسار عرف “عرقلة غير مفهومة” إلى أن تم تنصيب المجلس سنة 2022. وانتقد بوخصاص غياب إشراك المهنيين في النقاش بخصوص عمل اللجنة المؤقتة المكونة من 9 أعضاء، والتي لم تنشر تشخيصها للعموم بعد سنتين من عملها.

أما الباحث في الإعلام والصحفي، يونس مسكين فقد اعتبر أن النقاش حول تنظيم المهنة لا يزال محتشما، رغم أن الصحافة تظل “مكيف الديمقراطية” ومجالا يؤثر بشكل مباشر في الحياة العامة. وقال إن الأصل في وجود الصحافة هو قوتها القانونية والدولية كآلية لحماية حرية التعبير، محذرا من أن تراجع المناخ السياسي في البلاد انعكس بشكل واضح على أوضاع الصحافة منذ صدور مدونة الصحافة والنشر. وأضاف: “نحتاج إلى سلطة محايدة تدبر حرية التعبير داخل مربع الصراع على السلطة، بعيدا عن هيمنة الفاعل الاقتصادي والسياسي”.

وخلصت المداخلات إلى أن التنظيم الذاتي يظل خياراً مبدئياً لا غنى عنه، باعتباره الضمانة الأساسية لاستقلالية الصحافة وحريتها، مشدداين على أن الصحافيين قادرون على حماية مهنتهم ومجتمعهم عبر الالتزام بأخلاقياتها. منبهين إلى افتقار المشروع القانوني الجديد لإعادة تنظيم القطاع، إلى روح الديمقراطية والتشاور، ويعكس نوايا لا تخدم المصلحة العامة، في حين أن الإصلاح الحقيقي يكمن في تمكين المهنيين من تسيير شؤونهم بأنفسهم بما يصون مكانة الصحافة.

زر الذهاب إلى الأعلى