صعود العلامات الصينية يعيد تشكيل خريطة سوق السيارات بالمغرب

تشهد السوق المغربية للسيارات تحولاً لافتاً خلال سنة 2025، بعد أن سجلت دينامية قوية في المبيعات، توازيها تغيّرات جوهرية في هيكلة الطلب، أبرزها الارتفاع غير المسبوق لحصة العلامات الصينية ونظيراتها الفاخرة.

ووفق بيانات جمعية مستوردي السيارات بالمغرب (AIVAM)، حققت السوق خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة نمواً إجمالياً بلغ 30,38% مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، حيث ارتفع عدد السيارات المسوّقة إلى 19.561 مركبة مقابل حوالي 15 ألف سيارة في السنة الماضية. ويُعزى هذا الأداء، بحسب الفاعلين، إلى تحسن الطلب وعودة سلاسل التوريد إلى وضعها الطبيعي بعد سنوات من الاضطرابات العالمية.

ويؤكد الخبير الاقتصادي عثمان القباج أن هذه الأرقام لا تعكس نمواً كمياً فقط، بل تكشف “تحولاً نوعياً عميقاً في بنية السوق”. فالمعطيات تبين بوضوح صعود العلامات الصينية بقوة، إذ سجلت BYD نمواً قدره 316%، وGeely بنسبة 173%، وChangan بـ124%، وهو ما يشكّل – وفق القباج – “إعادة رسم حقيقية لخريطة المنافسة” اعتماداً على أسعار جذابة، وتقدم تكنولوجي سريع، واستقرار في توفر المنتجات.

وفي الجانب الموازي، حققت العلامات الفاخرة مفاجآت لافتة؛ إذ ارتفعت مبيعات Jaguar بنسبة 300%، بينما سجلت Cupra نمواً بـ155%، ما يدل على توسع الطلب على السيارات ذات القيمة العالية والهوية التقنية المتميزة في السوق المغربية.

وفي المقابل، تعرف علامات تقليدية تراجعاً حاداً؛ أبرزها Jeep التي تراجعت مبيعاتها بـ 60%، وFord بـ 88%، وSuzuki بأكثر من 22%، في مؤشر على صعوبة إعادة التموقع وسط منافسة تتطور بوتيرة سريعة.

ويرى القباج أن هذه التغيّرات تؤكد تحول المستهلك المغربي نحو خيارات أكثر عقلانية، خاصة السيارات الكهربائية والهجينة والعلامات الجديدة التي لم تعد “مجرد بدائل نظرية، بل واقعاً تجارياً ملموساً”. ويحذر من أن الشركات التي تتأخر في مواكبة هذا التحول قد تواجه تراجعاً مستداماً.

ورغم هذه التحولات، لا تزال العلامات التقليدية الكبرى محافظة على موقعها القوي. وتتصدر داسيا السوق بحصة 23,2% بعد بيع 4.170 سيارة خلال شتنبر الماضي. وتليها رونو بـ 3.528 وحدة مسجلة نمواً بـ 81%، فيما تحتل هيونداي المرتبة الثالثة بـ 1.267 سيارة بزيادة 26,5%.

وتبرز هذه المؤشرات أن سنة 2025 تتجه نحو أن تكون سنة مفصلية في قطاع السيارات بالمغرب، مع ازدياد وزن العلامات الصينية، وتنامي الطلب على السيارات الفاخرة، وتعاظم حضور التقنيات الكهربائية في اختيارات الأسر المغربية.

Exit mobile version