تنظم مدينة فاس الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى الروحية، وذلك خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 24 ماي الجاري، تحت شعار “النهضات”، بحسب ما أعلنت عنه مؤسسة “روح فاس”. وأوضح البلاغ أن هذه النسخة تحتفي بالتجدد الثقافي والروحي والفني، الذي يُعد المغرب نموذجًا حيًّا له، تزامنًا مع احتفال المدينة بالذكرى 44 لتصنيف مدينتها العتيقة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وتسعى دورة هذه السنة إلى مواصلة الرسالة الكونية للمهرجان من خلال اختيار موضوع “النهضات”، بعد أن خصصت دورة السنة الماضية لاستكشاف “روح الأندلس”. وأبرز رئيس مؤسسة “روح فاس”، عبد الرفيع الزويتن، أن هذا الشعار يعكس روح المغرب كمركز للنهضة الفكرية والثقافية والدينية، ويتماشى مع الرؤية الملكية في ترسيخ قيم التجدد والانفتاح والتعاون الثقافي، خاصة في إطار شراكات جنوب-جنوب.
وتحل إيطاليا ضيف شرف على المهرجان باعتبارها مهد النهضة الأوروبية، حيث تقام توأمة رمزية بين مدينة فاس ومدينة فلورنسا. كما تشكل القارة الإفريقية محورًا بارزًا في برنامج الدورة، لما تمثله من عمق حضاري وثقافي ومنبع للإبداع المعاصر، حسب ما أوردته الجهة المنظمة.
ويُفتتح المهرجان يوم 16 ماي بعرض فني ضخم في باب المكينة، يحمل عنوان “النهضات.. من الطبيعة إلى الروح”، يجمع بين فنون الصوت والضوء والرقص والعرض البصري بتقنية “المابينغ”، ويستعرض طقوسًا صوفية من إفريقيا والجزيرة العربية والمحيط الهندي، بالإضافة إلى إشارات رمزية لإشعاع جامعة القرويين وفن النهضة الإيطالية. كما تتضمن البرمجة عروضًا فنية في فضاء جنان جبيّل، وحفلات كبرى في باب المكينة، إلى جانب سهرات روحية متنوعة.
ويشهد اليوم الموالي تنظيم عروض للطقوس الصوفية القادمة من المحيط الهندي، منها فرقة “ديبا” من جزيرة مايوت، وفرقة “العريج” من سلطنة عمان، ثم فرقة “أساتذة الطبول” من بوروندي. وتحتضن ساحة باب المكينة عرضًا موسيقيًا حول أعمال مونتفردي، بتنسيق بين أنطونيو غريكو من فلورنسا ومحمد بريول من فاس، بدعم من السفارة الإيطالية والمعهد الثقافي الإيطالي بالرباط.
ويواصل المهرجان برمجته يوم 18 ماي بعرض دراويش إسطنبول، إضافة إلى حفل يجمع بين الفنانين آداما سيديبى وكليمان جانيه، وعرض لفرقة “ماستر ميوزيشنز أوف جاجوكا”. وتستمر الأنشطة طيلة الأسبوع بثلاث فقرات يومية بفضاء جنان جبيّل، فيما يُستأنف النشاط بباب المكينة يوم 22 ماي بعرض أندلسي يضم 44 موسيقيًا احتفالًا بمرور 44 سنة على إدراج فاس ضمن التراث اللامادي العالمي، تحت إشراف محمد بريول والشيخ علي ربّاحي، ويُختتم العرض بأمسية صوفية مخصصة لفن الملحون.
ويحتضن باب المكينة يوم 23 ماي عرض “قصيدة الغناء العميق” للمغني ميغيل بوفيذا، على أن يُختتم المهرجان يوم 24 ماي بعرض “الليلة الكبرى للغريوتات”، بمشاركة فنانين من أرمينيا وبلاد فارس، فيما تنظم عروض فنية مجانية في ساحة باب بوجلود، منها رقصات “الزاولي” من كوت ديفوار، وعروض استعراضية بالشارع العام.
ويواكب المهرجان تنظيم منتدى فكري يناقش عدة محاور حول التحولات الثقافية والرقمية، منها “الثقافات والتراث: كيف تتجلى النهضات؟”، و”الذكاء الجماعي والاصطناعي: ما بين الوعود والمخاطر”، إضافة إلى جلسات حول “التوجهات الاستراتيجية والنهضات المرتقبة”، في سياق يؤكد موقع مدينة فاس كمركز للحوار بين الثقافات والديانات وجسر بين الماضي والمستقبل.