فيروز تودّع نجلها زياد الرحباني في صمت مؤثر

في مشهد نادر جمع بين الصمت المهيب والدموع، ودّع لبنان اليوم، الإثنين 28 يوليوز 2025، الفنان والموسيقار الكبير زياد الرحباني، في موكب جنائزي استثنائي انطلق من بيروت نحو كنيسة رقاد السيدة في المحيدثة بكفيا، حيث احتشد المئات من محبيه ومريديه، إلى جانب وجوه سياسية وفنية بارزة، لوداع قامة موسيقية لا تُنسى.

غير أن اللحظة التي خطفت الأنظار وأثارت أعمق مشاعر الحاضرين، كانت الظهور النادر للسيدة فيروز، أيقونة الغناء العربي ووالدة الراحل، التي أطلت متشحة بالسواد، مرتدية نظارة شمسية، متماسكة رغم الفاجعة. رافقتها ابنتها ريما الرحباني وشقيقتها الفنانة هدى حداد، وسط احترام وصمت مؤثر من الجمهور، فيما ناشدت العائلة المصورين التخفيف من توثيق المشهد، تقديراً لرهبة اللحظة ومكانة الراحل.

وصل نعش زياد الرحباني إلى الكنيسة محمولًا بين مشاعر صامتة ودموع غزيرة، فيما ارتفعت لافتات كتبت عليها عبارات وفاء وحزن. كان الحضور الشعبي كثيفًا، ليعكس مكانة الرجل الذي لم يكن مجرد موسيقي، بل مدرسة في الإبداع والفكر والنقد الاجتماعي والسياسي، ترك بصمة لا تُمحى في الوجدان اللبناني والعربي.

وقد شارك في تقديم واجب العزاء عدد من الشخصيات البارزة، منها نعمت عون، قرينة الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورنده عاصي، قرينة رئيس مجلس النواب نبيه بري، إضافة إلى الفنان مارسيل خليفة والشاعر طلال حيدر، في مشهد بدا لوحة جامعة لأطياف لبنان كافة، كما أراد زياد دومًا في فنه ومسيرته.

ورغم ثقل اللحظة، لم تدل فيروز بأي تصريح، مكتفية بصمت عبّر عن عمق الفقد أكثر من أي كلمة. جلست في مقعدها داخل الكنيسة، تحيط بها الكاميرات التي لم تعترض وجودها، لكنها ظلت متماسكة، مانحة مشهد الوداع بعدًا إنسانيًا مهيبًا.

وكان زياد الرحباني قد رحل يوم السبت عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد صراع مع مرض الكبد في أحد المستشفيات. وبرحيله، يفقد لبنان أحد أبرز أعلامه الموسيقيين والمسرحيين، الذي جمع بين جرأة الموقف وجمال اللحن، وبين النقد اللاذع والوفاء لقضايا الناس. ومع ذلك، فإن إرثه الفني سيبقى حاضرًا، شاهداً على زمن كامل من الإبداع المقاوم والموسيقى التي لا تُشبه إلا نفسها.

لقد ترك زياد الرحباني بصمة عميقة في الساحة الفنية من خلال أعماله التي جمعت بين التلحين والكتابة، وكانت العديد من أغاني والدته فيروز من نتاج إبداعه، مثل: “سألوني الناس”، و”عودك رنان”، و”كيفك إنت”، و”عندي ثقة فيك”، لتظل موسيقاه جزءًا من ذاكرة العرب ووجدانهم.

Exit mobile version