اختتمت بمراكش فعاليات الدورة الحادية عشرة للمعرض الدولي للضيافة وفنون الطبخ والصناعات الغذائية “كريماي 2025″، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وعلى مدى خمسة أيام (من 19 إلى 23 شتنبر)، تحولت مراكش إلى قبلة لصناع القرار والمهنيين والخبراء في مجالات السياحة وفنون الطهي والصناعات الغذائية، حيث عرف الحدث مشاركة قياسية تجاوزت 800 علامة تجارية من المغرب وإفريقيا ودول مختلفة، واستقطب نحو 21.350 زائراً مهنياً، فيما امتدت فضاءاته على مساحة عرض بلغت 15.000 متر مربع.
شكلت هذه الدورة مناسبة لتقديم أحدث التجهيزات المهنية والمواد الأولية عالية الجودة والابتكارات في مجالات الضيافة والمطعمة، مع تسجيل حضور لافت لمستثمرين كبار وطهاة مرموقين وموزعين. وقد انعقدت تحت شعار “لنزرع اليوم ضيافة الغد”، في رؤية استشرافية تمتد إلى أفق 2030، تماشياً مع التوجهات الملكية وخارطة الطريق الوطنية للسياحة، حيث تم التأكيد على أن الرأسمال البشري والابتكار والارتقاء بالجودة تشكل ركائز أساسية لتعزيز تنافسية القطاع السياحي المغربي والإفريقي.
وشكلت مداخلة رئيس المعرض كمال رحال السولامي محطة بارزة، إذ شدد على أن السياحة لا تُبنى بالحجارة وإنما بالمواهب، داعياً إلى إعطاء الأولوية للتكوين والتأهيل والاعتراف بقيمة المهن، باعتبار أن العنصر البشري هو الذي يحول الاستثمارات المادية إلى قيمة مضافة وولاء وتنافسية. هذا الطرح وجد صداه لدى المشاركين، حيث بدا واضحاً أن مستقبل السياحة بالمغرب لن ينفصل عن الاستثمار في الكفاءات.
كما تميز المعرض بتنظيم سلسلة من المسابقات الوطنية والإفريقية التي أبرزت تنوع المواهب وابتكارها. فقد توج فريق السنغال ببطولة إفريقيا في فنون المخبوزات، بينما أحرز المغرب المرتبة الأولى في كأس إفريقيا والشرق الأوسط للنساء الشيفات، إلى جانب تتويجات فردية مثل الشيف محمد بندحو في المأكولات التقليدية، وزينب موتاكي في فن البيتزا، وسميرة الحميدي في الحلويات التقليدية، فضلاً عن جائزة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة فاز بها الشيف إلياس حمامي عن جمعية ملائكة بمراكش.
حصيلة هذه الدورة تبدو إيجابية على أكثر من صعيد، سواء من حيث الزخم الدولي والإفريقي، أو من حيث إبراز المواهب الوطنية، أو من خلال إرساء المعرض كواجهة مرجعية للضيافة وفنون الطهي. غير أن الرهان الحقيقي يبقى في استثمار هذه الدينامية وتحويلها إلى برامج عملية للتكوين والتشغيل المستدام، بما يضمن للمغرب مكانة ريادية في قطاع يتسم بتنافسية عالمية متصاعدة.