
رغم خسارتهن أمام المنتخب النيجيري في نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات، مساء اليوم السبت 26 يوليوز 2025، على أرضية الملعب الأولمبي بالرباط، خرجت لبؤات الأطلس مرفوعات الرأس، بعد أداء بطولي أثبت مكانتهن المستحقة في النخبة القارية. وانتهى اللقاء المثير بثلاثة أهداف مقابل اثنين لصالح سيدات نيجيريا، اللواتي توّجن بلقبهن العاشر، ليواصلن السيطرة التاريخية على البطولة.
المنتخب المغربي للسيدات، الذي كان على موعد مع إنجاز غير مسبوق، أثبت أن تأهله للنهائي لم يكن صدفة، بل ثمرة عمل متراكم بدأ يؤتي ثماره منذ نسخة 2022، حين وصلت اللبؤات لأول مرة إلى النهائي، قبل أن يخسرن أمام جنوب إفريقيا بنتيجة 2-1.
بقيادة المدرب الإسباني خورخي فيلدا، المتوج مع منتخب بلاده بلقب كأس العالم للسيدات 2023، دخلت اللبؤات المباراة بعزيمة كبيرة وحلم التتويج الأول. تشكيلة مكونة من خديجة الرميشي، نهيلة بنزينة، عزيزة الرباح، حنان أيت الحاج، زينب الرضواني، غزلان الشباك، نجاة بدري، ياسمين أمرابط، سناد مسودي، سكينة وزراوي وابتسام جرايدي، قدمت أداءً مشرفًا وواجهت بصلابة خصما يعتبر الأكثر تتويجا في القارة.
وبينما حُسمت المواجهة لصالح سيدات نيجيريا، فإن ما تركته اللبؤات على أرض الملعب من روح قتالية وتكتيك متطور يعكس التحول النوعي في كرة القدم النسائية المغربية. ويُحسب للمنتخب المغربي كونه أحرج خصما من العيار الثقيل، ونافسه حتى الدقائق الأخيرة في مباراة اتسمت بالندية والاحتقان التكتيكي.
النهائي حمل نكهة ثأرية للنيجيريّات، بعد أن أقصيْن من نصف نهائي نسخة 2022 على يد المغرب بركلات الترجيح (5-4) إثر تعادل مثير (1-1). وقد أظهرن رغبة جامحة في استعادة الهيبة، لكن ذلك لم يمنع المغربيات من تقديم مباراة تليق بتطلعات جمهورهن وداعميهن.
على مدار تاريخ البطولة، لم يكن للمنتخب المغربي للسيدات حضور يُذكر، إذ اكتفى بمشاركتين في 1998 و2000، أما اليوم، فالمنتخب نفسه ينافس على اللقب القاري للمرة الثانية على التوالي، وهو ما يؤكد أن كرة القدم النسائية في المغرب دخلت منعطفا حقيقيا نحو الاحتراف والتألق.
خسارة النهائي لا تُختزل في فقدان الكأس فحسب، بل تحمل في طياتها مؤشرات واعدة على مستقبل مشرق. تطور الأداء الجماعي، وتنوع الخطط التكتيكية، والقدرة على مجاراة كبار القارة، كلها إشارات إلى أن لبؤات الأطلس باتت رقما صعبا، وقوة لا يُستهان بها في مشهد كرة القدم النسائية الإفريقية.
اليوم، وبعد خوض نهائيين متتاليين، باتت الرؤية أكثر وضوحًا أمام الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، للاستثمار أكثر في التكوين، والبنية التحتية، وتشجيع مراكز التكوين الخاصة بالعنصر النسوي، من أجل تحقيق حلم التتويج القاري، وربما العالمي مستقبلا.