الأخبارمال و أعمال

لقاء FNACAM : التأمين بين الرقمنة والإلزامية في زمن الذكاء الاصطناعي

شهدت مدينة الدار البيضاء تنظيم النسخة التاسعة من اللقاء السنوي للفدرالية الوطنية لوكلاء ووسطاء التأمين بالمغرب (FNACAM)، تحت شعار: “التأمينات الإجبارية والذكاء الاصطناعي في مواجهة الذكاء الاصطناعي”. عنوان يلخّص التحولين العميقين اللذين يعيشان على وقعهما اليوم قطاع الوساطة في التأمين، من أجل توسيع نطاق التأمينات الإجبارية من جهة، ودخول الذكاء الاصطناعي كفاعل رئيسي من جهة أخرى.

في كلمته الافتتاحية، أكد فريد بنسعيد، رئيس الفدرالية، أن هذه الدورة تأتي في لحظة مفصلية بالنسبة للمهنة، إذ تعيد التأمينات الإجبارية رسم موازين السوق وتؤثر على موارد الوسطاء، في حين تغيّر التقنيات الذكية طبيعة العلاقة مع الزبائن، الذين أصبحوا أكثر اتصالاً ومطالبة بالخدمات الرقمية السريعة. وأشار إلى أن مستقبل الوساطة يكمن في التكيّف مع هذه التحولات دون التفريط في القيمة الإنسانية المتمثلة في القرب والثقة والمشورة المتخصصة.

 

وفي سياق تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات، تم توقيع اتفاقية انضمام بين الفدرالية الوطنية لوكلاء ووسطاء التأمين بالمغرب (FNACAM) ومنظمة Planète CSCA، الممثل الرئيسي لقطاع الوساطة في التأمين بفرنسا. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تشجيع تبادل الممارسات الجيدة، وتعزيز التكوين والابتكار داخل شبكات الوسطاء، بما يسهم في رفع كفاءة المهنة ومواكبتها للتحولات الرقمية على الصعيدين الوطني والدولي.

من جهته، قدّم عبد الرحيم الشافعي، رئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS)، عرضاً شاملاً حول وضعية السوق، مؤكداً أن القطاع استعاد وتيرته التصاعدية، محققاً ما بين 59 و60 مليار درهم من رقم المعاملات سنة 2024، بنمو يقارب 5%. كما أوضح أن معدل الاختراق البالغ 3,7% ما زال دون الإمكانات الحقيقية للمغرب، داعياً إلى تعزيز شمول التأمين وتقليص فجوة الحماية بين المواطنين والسوق.

 

الشافعي أبرز أيضاً مجموعة من الأوراش الرقمية والتنظيمية التي أطلقتها الهيئة، منها رقمنة شهادة التأمين على السيارات عبر رمز QR آمن، وإطلاق برنامج “Emergence” لتأهيل الوسطاء والشركات، إضافة إلى منصة “EDUCAPS” للتربية المالية الموجهة للشباب. كما يجري إعداد نظام رقمي للمراقبة يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتتبع المبيعات الإلكترونية وضمان شفافية التعاملات.

أما بشير بادو، نائب رئيس فدرالية التأمين المغربية (FMA)، فشدد على أن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة استراتيجية، مبرزاً تجربة التأمين على السيارات التي ستصبح شبه رقمية بالكامل، من المعاينة إلى التعاقد. كما حذر من التحديات المرتبطة بالأمن السيبراني، داعياً إلى تطوير منتجات تأمين خاصة بالمخاطر الإلكترونية، بالتعاون بين الشركات والوسطاء.

 

ويعد هذا اللقاء محطة سنوية كبرى تجمع الفاعلين في السوق، حيث أصبح فضاءً للتفكير في مستقبل المهنة وموقع الإنسان فيها وسط الموجة الرقمية. وأجمع المشاركون على أن التكنولوجيا لا تلغي دور الوسيط، بل تمنحه أدوات جديدة لتعزيز القرب والثقة والخدمة المتميزة.

وجسدت الدورة التاسعة من لقاء FNACAM 2025 وعياً جماعياً بضرورة الانتقال نحو تأمين مغربي أكثر شفافية وابتكاراً، دون التفريط في جوهره الإنساني القائم على الإصغاء والمرافقة.

زر الذهاب إلى الأعلى