
انطلقت فعاليات الدورة الـ26 من مهرجان كناوة وموسيقى العالم بمدينة الصويرة،مساء أمس 19 يونيو 2025، حيث تحولت المدينة إلى منصة مفتوحة للاحتفاء بالتنوع الموسيقي والثقافي، على مدى ثلاثة أيام، من خلال عروض فنية ولقاءات فكرية تسلط الضوء على البعد الإنساني والروحي للموسيقى.
وافتتح المهرجان بحفل للمعلم حميد القصري، بشراكة مع “باكامالا” في تجربة موسيقية فريدة، تعكس التمازج الفني بين هما، حيث أعرب المعلم حميد القصري عن سعادته بهذه الشراكة، وأوضح أن التمازج الفني الذي حدث بينهم منحه إحساسًا كبيرًا بالحرية، واصفًا إياه بأنه شبيه بالعزف رفقة مجموعة كناوية، لما اتسم به من انسجام وروح مرحة أقرب إلى اللعب الإبداعي.
ويُعد هذا الحدث الفني، الذي يستمر إلى غاية 21 يونيو، مناسبة سنوية تجمع فنانين من مختلف أنحاء العالم وعشاق الموسيقى في فضاء مفتوح على الحوار والتلاقح الثقافي، حيث تحتضن شوارع وساحات المدينة أمسيات موسيقية تعكس التعدد والتنوع الذي يميز التراث الكناوي وتفرعاته العالمية.
وفي تصريح بالمناسبة، أكدت نائلة التازي، المنتجة والمديرة المؤسسة للمهرجان، أن هذا الحدث يشكل “لحظة فرح مغربي أصبحت بمثابة عدوى تنتشر عالمياً”، مشيرة إلى أن اتساع قاعدة الجمهور وتوافد فنانين من مختلف القارات يعكسان استمرارية رؤية ثقافية منفتحة ومتماسكة.
ولا تقتصر فعاليات المهرجان على العروض الفنية، بل تتعداها إلى بعد أكاديمي وتكويني، من خلال شراكة مع كلية بيركلي الأمريكية للموسيقى، للسنة الثانية توالياً، تتيح الفرصة لشباب موسيقيين مغاربة للاستفادة من برامج تكوينية عالية المستوى.
واعتبرت التازي أن هذه المبادرة التعليمية تندرج ضمن الرؤية الشاملة للمهرجان، التي تتجاوز الجانب الفني لتلامس قضايا المواطنة والديمقراطية الثقافية، مضيفة أن “موسيقى كناوة تظل فناً روحياً يوحد الأجيال ويقرب بين القلوب، والمهرجان دليل حي على أن هذه الشعلة لا تزال مشتعلة”.
ومن بين المحطات الموازية البارزة خلال هذه الدورة، تنظيم الدورة الـ12 لمنتدى حقوق الإنسان، الذي يرأسه إدريس اليزمي، ويتناول هذه السنة موضوع الهجرة والتنقلات البشرية. ويروم المنتدى تسليط الضوء على البعد الإنساني للهجرة باعتبارها طاقة إيجابية وفرصة للتبادل، في مواجهة الصور النمطية والخوف من الآخر.
وفي تصريح له، قال إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إن المهرجان “لحظة لإعادة الاعتبار لتراث موسيقي كبير، وأداة تواصل بين مختلف الشرائح الاجتماعية في المغرب”، مضيفاً أن “الثقافة، من خلال هذا المهرجان، تبرهن قدرتها على حمل القضايا الكبرى التي تهم حاضر العالم ومستقبله”.
ويعكس مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، من خلال هذا الزخم الفني والفكري، رؤية مغربية أصيلة تجمع بين التشبث بالجذور والانفتاح على العالم، حيث تبرز الثقافة كأداة للمصالحة، والتربية، وبناء الأمل في عالم يعاني من التوترات وعدم الاستقرار.