أفادت صحيفة “إلباييس” الإسبانية أن مشروع نفق مضيق جبل طارق، الذي يهدف إلى ربط القارتين الإفريقية والأوروبية عبر نفق تحت البحر، عاد إلى الواجهة بعد أكثر من أربعة عقود من التوقف. وتستمد الفكرة جذورها من أساطير قديمة تنسب إلى هرقل شق الجبل الفاصل بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، لكن هذا الطموح البشري ظل معلقًا منذ القرن التاسع عشر دون تنفيذ.
في الوقت الراهن، خصصت الحكومتان الإسبانية والمغربية ميزانية تبلغ 104 ملايين يورو لدراسات الجدوى، ضمن مساعٍ لإحياء المشروع الذي بدأت مناقشته رسميًا في سنة 1979، خلال لقاء جمع الملك الإسباني خوان كارلوس الأول والملك المغربي الحسن الثاني. لكن على مدار العقود الماضية، واجه المشروع تحديات تقنية، اقتصادية، وسياسية أعاقت تحقيقه.
ووفقًا لـ “إلباييس”، شهد المشروع دفعة جديدة في أبريل 2023 عقب اجتماع بين وزيرة النقل الإسبانية راكيل سانشيز ووزير النقل المغربي. منذ ذلك الحين، ارتفعت الميزانيات المخصصة للدراسات التقنية، حيث زادت من 100 ألف يورو في 2022 إلى 2.7 مليون يورو في 2024، مدعومة بمساهمة إضافية من الاتحاد الأوروبي بقيمة 2.02 مليون يورو.
تشير الخطة الحالية إلى بناء نفقين مخصصين للقطارات يربطان بين طنجة والخزيرات، مع زيادة طول المشروع من 32 كيلومترًا إلى 60 كيلومترًا، منها 28 كيلومترًا تحت سطح البحر. وفي حال تنفيذه، سيصبح النفق واحدًا من أطول الأنفاق في العالم، متفوقًا على “نفق القناة” بين بريطانيا وفرنسا و”نفق سيكان” في اليابان.
تقدر التكلفة الإجمالية للنفق بنحو 15 مليار يورو، تشمل مراحل الدراسة والبناء، مع توقع أن تستغرق العملية 40 سنة، إلا أن التقدم التكنولوجي قد يقلص هذه المدة إلى النصف.
من الناحية الجيوسياسية، أوضحت الصحيفة أن المشروع يثير قلق بعض الأطراف، خاصة المملكة المتحدة، التي تخشى تأثيره على التجارة بين أوروبا وأمريكا. كما أن تطور العلاقات الإسبانية المغربية قد يلعب دورًا محوريًا في إنجاح هذا المشروع الضخم، الذي يمثل خطوة غير مسبوقة في تعزيز الربط الجغرافي بين إفريقيا وأوروبا.