إزالة الكربون: تحديات المقاولات ورهانات القطاع المالي

تواجه الشركات المغربية تحديًا متزايدًا في مسار إزالة الكربون، الذي لم يعد مجرد خيار بيئي، بل أصبح ضرورة لضمان التنافسية على الساحة العالمية. ومع بلوغ الانبعاثات الكربونية العالمية أكثر من 43 مليار طن سنويًا، تبدو أهداف اتفاق باريس صعبة التحقيق دون تحول جذري في نماذج الإنتاج والاستهلاك.
وفي هذا السياق، يواصل المغرب تعزيز توجهه نحو اقتصاد منخفض الكربون من خلال إصلاحات ومبادرات استراتيجية، من بينها “خطة المناخ 2020-2030” و”الاستراتيجية الوطنية للكربون”، اللتان تهدفان إلى تحقيق مزيج طاقي يعتمد بنسبة 64% على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
تحديات اقتصادية وتنظيمية: لكن هذا المسار يواجه تحديات كبيرة، لا سيما مع تطبيق “آلية تعديل الكربون على الحدود” من قبل الاتحاد الأوروبي، والتي تفرض ضرائب على المنتجات ذات الانبعاثات العالية. وبما أن نحو 65% من الصادرات المغربية معنية بهذا الإجراء، يتعين على الشركات المحلية تسريع تحولها لتجنب تكاليف إضافية والحفاظ على تنافسيتها في الأسواق الدولية.
إضافة إلى ذلك، يشكل اعتماد “المذكرة الكربونية” أداة جديدة لقياس البصمة البيئية للشركات، مما يدفع الفاعلين الاقتصاديين إلى إثبات التزامهم بخفض الانبعاثات، تجنبًا لتراجع فرصهم التجارية أو انخفاض جاذبيتهم لدى المستثمرين الذين يركزون بشكل متزايد على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).
فرص للنمو والاستثمار: رغم التحديات، فإن إزالة الكربون تمثل أيضًا فرصة اقتصادية مهمة. فالشركات التي تتبنى هذا التحول تعزز موقعها في الأسواق الدولية وتتمتع بمزايا تنافسية، بما في ذلك سهولة الوصول إلى التمويلات المستدامة وتحسين إدارة الموارد، مما يزيد من قدرتها على التكيف مع التقلبات في تكاليف الطاقة.
وفي هذا الإطار، تلعب المؤسسات المالية دورًا محوريًا في دعم الشركات عبر توفير حلول تمويلية مخصصة. ومن هذا المنطلق، تعتمد “بنك أفريقيا” نهجًا استباقيًا في تمويل الاستدامة، حيث قامت بتدريب فرقها عبر “أكاديمية بنك أفريقيا” بشراكة مع “بيرو فيريتاس”، مما يمكنها من توجيه الشركات نحو أفضل الحلول التمويلية والاستراتيجيات للحد من انبعاثاتها الكربونية.
حلول مالية لدعم التحول الأخضر: لتسريع عملية إزالة الكربون، أطلق “بنك أفريقيا” مجموعة من الحلول التمويلية المبتكرة، من بينها:
“كاب بلو”: لدعم الاستثمارات في إدارة المياه والصرف الصحي، مما يساعد الشركات على تقليل بصمتها البيئية.
“كاب إنرجي”: لتقديم تمويلات مصممة خصيصًا لدعم الانتقال نحو الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
“فاينانس ديورابل”: منصة مالية خضراء تدعم المشاريع المتوافقة مع أهداف خفض الانبعاثات الكربونية.
“BMCE FODEP III”: برنامج يستهدف مشاريع مكافحة التلوث الصناعي، مما يسهم في تقليل الأثر البيئي للشركات وضمان التزامها بالمعايير البيئية الجديدة.
في ظل هذه التحديات والفرص، تبقى إزالة الكربون رهانًا رئيسيًا للشركات المغربية، ليس فقط لمواكبة المتطلبات التنظيمية، بل أيضًا لتعزيز تنافسيتها وضمان استدامتها في بيئة اقتصادية عالمية سريعة التحول.