
شهدت الدار البيضاء، أمس السبت، ندوة رفيعة المستوى ضمن فعاليات منتدى كرانس مونتانا 2025، حيث أكد المشاركون على الأهمية الحيوية للتعاون الدولي في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه القارة الإفريقية، خاصة في مجال الأمن البحري والتنمية المستدامة.
أجمع المشاركون على أن البحر، رغم كونه بوابة مفتوحة على العالم ومحركاً للنمو الاقتصادي، يمكن أن يتحول إلى مصدر تهديد في غياب استراتيجيات أمنية منسقة. وفي هذا الصدد، أشاد الرئيس السنغالي السابق ماكي سال بالنموذج الناجح لميناء طنجة المتوسط، الذي وصفه بـ”القطب اللوجستي العالمي ورمز لإفريقيا الطموحة والمتصلة”. كما دعا إلى تعزيز اندماج دول الساحل في الشبكات البحرية العالمية، مؤكداً على أهمية البنى التحتية البحرية في تعزيز الأمن الاقتصادي.
تم التركيز خلال الندوة على الدور الاستراتيجي لميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُعتبر مشروعاً محورياً لتعزيز التعاون الإقليمي وتسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي. وأوضحت نسرين إيوزي، مديرة المشروع، أن الهدف ليس خلق منافسة بين الموانئ الإفريقية، بل تعزيز التكامل لزيادة الحصة الإفريقية في التجارة البحرية العالمية، التي لا تتجاوز حالياً 5%.
وأشارت إلى أن الميناء، باستثمار عمومي يقارب 12.67 مليار درهم وطاقة استيعابية تبلغ 37 مليون طن، سيكون رافعة لبناء منظومة لوجستية وصناعية متكاملة تخدم القارة، خاصة دول الساحل.
ثمَّن العديد من المشاركين، من بينهم وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، المبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مؤكدين أنها تتماشى مع استراتيجيات دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو لتنويع منافذها البحرية. كما أشاد نيلسون دي بريتو، عضو برلمان “سيدياو”، برؤية الملك محمد السادس، معتبراً أن ميناء الداخلة سيكون بوابة رئيسية للصادرات الإفريقية نحو أوروبا والأمريكتين.
من جهته، أكد ضرار بالهول الفلاسي، الرئيس التنفيذي لشركة “المجلس للشؤون العامة”، على الحاجة إلى إرساء أطر قانونية شفافة وجذابة لتعزيز الاستثمار في إفريقيا، داعياً إلى تعزيز الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص لبناء اقتصادات أكثر مرونة.
كما شددت إيمانويلا ديل ري، الممثلة السابقة للاتحاد الأوروبي في الساحل، على أهمية التعاون العملي والميداني لمواجهة التحديات الأمنية، مؤكدة أن التنسيق المشترك هو السبيل الوحيد لتحقيق نتائج ملموسة.
اختتمت الندوة بتوصيات تدعو إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتبسيط الإجراءات الجمركية، ووضع بروتوكولات موحدة لضمان تدفق التجارة بسلاسة، كما أشارت نائبة رئيس برلمان زيمبابوي تسيتسي جيسي.
يُذكر أن منتدى كرانس مونتانا 2025، الذي انطلق تحت شعار “التجارة الدولية لإفريقيا تتطلب السلامة البحرية وأمن الموانئ”، يهدف إلى وضع إطار استراتيجي لتعزيز الأمن البحري والتنمية الاقتصادية في القارة، مما يعكس التزاماً جماعياً ببناء مستقبل أكثر ازدهاراً لأفريقيا.