
يستعد المغرب للاحتفال، يوم السبت 10 ماي الجاري، باليوم العالمي لشجرة الأركان، في دورته الخامسة، تحت شعار “شجرة الأركان، رافعة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية”، وهي مناسبة تكرّم هذا الموروث الطبيعي والثقافي الذي اعترفت به منظمة اليونسكو كمحيط حيوي وتراث ثقافي لا مادي للإنسانية.
وتندرج هذه المبادرة، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2021، ضمن استراتيجيتين وطنيتين أُطلقتا سنة 2020 تحت الرئاسة الفعلية لجلالة الملك محمد السادس، ويتعلق الأمر بكل من استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” واستراتيجية “غابات المغرب 2030”. وتهدف هذه البرامج إلى دعم التنمية الفلاحية، وخلق فرص الشغل، خاصة لفائدة الشباب القروي، مع التركيز على تطوير زراعة الأركان في أقاليم سوس-ماسة، مراكش-آسفي وگلميم-وادي نون على مساحة تقدر بـ10 آلاف هكتار.
وتُعد هذه التظاهرة السنوية، التي تنظمها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، مناسبة لإبراز الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشجرة الأركان، بالنظر إلى قدرتها على مكافحة التصحر، والحفاظ على التربة، والتقليل من آثار الاحتباس الحراري.
وأكدت المديرة العامة للوكالة، لطيفة يعقوبي، أن شجرة الأركان تمثل حاجزاً طبيعياً في وجه التقلبات المناخية، مشددة على أهمية حماية هذه المنظومة البيئية الفريدة من نوعها، والتي تساهم في تعزيز سبل عيش المجتمعات المحلية، لاسيما النساء القرويات.
وتتميز دورة هذه السنة ببرنامج غني على مستوى أقاليم المحمية الحيوية للأركان، يشمل لقاءات علمية، أبرزها الذي سينعقد بأكادير بشراكة بين الوكالة والمعهد الوطني للبحث الزراعي، لعرض نتائج الأبحاث العلمية المتعلقة بتنمية غرس أشجار الأركان في المناطق الهشة، والتقنيات الزراعية، وتقييم قدرة الأركان على عزل الكربون، وآليات تتبع التنوع البيولوجي.
كما تحتضن الكلية متعددة التخصصات بتارودانت لقاء علمياً ثانياً حول العلاقة بين شجرة الأركان والتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، يتوّج بمنح جوائز كرسي الإيسيسكو للدكتوراه، بحضور باحثين وصناع القرار وفاعلين محليين.
وفي الجانب التربوي، تنظم المؤسسات التعليمية بمحيط المحمية الحيوية للأركان مسابقات في الرسم والمسرح والشعر، وورشات بيئية بشراكة مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إلى جانب حملات تشجير بمشاركة التلاميذ والأساتذة وجمعيات بيئية في مدن أكادير، الصويرة وتارودانت.
ويشمل البرنامج الثقافي تنظيم مهرجان سوس لفنون الطبخ بمدينة أكادير بين 8 و12 ماي، بمشاركة طهاة دوليين يعيدون ابتكار وصفات تقليدية تعتمد على زيت الأركان، تكريماً لغنى المطبخ المحلي.
كما ستعرف المدينة تنظيم “نصف ماراثون الأركان” يوم 25 ماي بمشاركة مواطنين ورياضيين، في مبادرة تمزج بين الرياضة وحماية البيئة.
وفي إطار تمكين المرأة القروية، تُنظم ورشات تكوينية على مدى شهر ماي لفائدة نساء التعاونيات وجمعيات ذوي الحقوق، حول مواضيع ريادة الأعمال، وتقنيات الزراعة، والتكيف مع التغيرات المناخية، والتدبير المستدام للموارد والغابات.
ويأتي هذا الاحتفال في سياق تعبئة شاملة تضم الفاعلين المؤسسيين والمهنيين، خاصة الفدرالية البيمهنية لسلسلة الأركان، ما يبرز التزام المغرب بنموذج تنموي مستدام، يوازن بين الحفاظ على التنوع البيولوجي وتحقيق الأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية، ضمن محيط حيوي تتجاوز مساحته 830 ألف هكتار.