الأخبارثقافة

سعيدة شرف تختم مهرجان الفنون الشعبية بمراكش بحفل مميز

وسط أجواء احتفالية نابضة بالأصالة، أسدل الستار على الدورة الرابعة والخمسين من المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش، بعرض فني متميز أحيته الفنانة سعيدة شرف، التي قدّمت سهرة غير مسبوقة امتدت لأكثر من ثلاث ساعات، مزجت خلالها بين الأداء الغنائي والإخراج الفني، تنقّلت فيها بالجمهور بين ألوان التراث المغربي، مؤكدة أن الفلكلور ليس فقط مادة للعرض، بل تجربة حية تنبض بالإحساس والهوية.

ومن خلال توليفة موسيقية مفعمة بالتنوع والعمق، عبرت سعيدة شرف بمستمعيها من الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب، حيث أبدعت في تقديم ألوان متعددة من التراث الشعبي، منها الحساني، والركادة، وعبيدات الرمى، والحصادة، وكناوة، وعيساوة، والأغنية الجبلية، وأهازيج الحوز، في استعراض غير مسبوق للثراء الثقافي المغربي.

ما ميز العرض لم يكن فقط غنى المضمون، بل أيضًا الأداء المتكامل للفنانة، التي لم تكتف بالغناء، بل قادت بنفسها الفرق الفلكلورية، وتولت إخراج الفقرات بعين فنية دقيقة، حافظت على الانسجام البصري والسمعي، في تجربة جمعت بين الحس الإبداعي والإدارة الفنية المحكمة.

سعيدة شرف، التي أطلت على جمهور قصر البديع بلباسها الصحراوي التقليدي، لم تُخفِ فخرها بأصولها، وحوّلت منصّة المهرجان إلى فضاء للاحتفاء بالهوية المغربية الجامعة، في تجلياتها المتعددة، والمترسخة في وجدان الأجيال.

وقد خُصصت لحظة مؤثرة لتكريم الفنانة، التي أصبحت أول امرأة تنال هذا التقدير في تاريخ المهرجان، حيث سلّمها درع التكريم رئيس جمعية الأطلس الكبير ومدير المهرجان، محمد الكنيدري، في مشهد امتزجت فيه مشاعر التقدير الفني بالاعتراف التاريخي.

السهرة لم تخلُ من مفاجآت، أبرزها مشاركة الموسيقار الحاج يونس، الذي صعد إلى المنصة بدعوة من سعيدة شرف، إلى جانب الفنان فؤاد الزبادي، حيث قدّما معًا وصلة من المواويل والموشحات في لحظة مزجت بين الطرب العربي والأصالة المغربية.

وفي ختام الحفل، صدحت القاعة بأغنيتي “صوت الحسن ينادي” و”العيون عينيا”، لتتحوّل اللحظة إلى مشهد وطني جامع، رفع فيه الجمهور الأعلام وردد الكلمات في انسجام مؤثر، ختم به المهرجان ليلة من ليالي الفن والتراث والوطن.

الدورة الرابعة والخمسون، التي أقيمت تحت شعار “التراث غير المادي في حركة”، نجحت في إبراز أن الفنون الشعبية المغربية ليست فقط جزءًا من الماضي، بل هي طاقة متجددة تنبض بالحياة والإبداع، وقد كان عرض سعيدة شرف الدليل الأوضح على أن هذا التراث قادر على التطور والبقاء حيًّا دون أن يفقد هويته.

مرة أخرى، يثبت المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش مكانته كأحد أبرز التظاهرات الثقافية بالمغرب، بفضل جهود الجهة المنظمة، التي جعلت من هذه الدورة منصة حيّة لصون التراث اللامادي، وإبراز التنوع الفني والثقافي للمملكة.

زر الذهاب إلى الأعلى