الأخبارالمغرب

المغرب يوقّع في فيتنام على معاهدة أممية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

وقّع المغرب، أمس السبت في العاصمة الفيتنامية هانوي، على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، خلال مؤتمر دولي شاركت فيه نحو ستون دولة، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وجاء توقيع المملكة على هذه المعاهدة في إطار التزامها بتعزيز الجهود الدولية لمواجهة التحديات المرتبطة بالأمن السيبراني، حيث مثّلها في هذا الحدث وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي أكد أن هذا التوقيع يمثل منعطفاً تاريخياً في مسار التعاون الدولي لمكافحة الجريمة الرقمية، ويجسد انخراط المغرب الفعلي في الدينامية الأممية الهادفة إلى إرساء نظام عالمي آمن وشامل في الفضاء الرقمي.

وأوضح وهبي أن الثورة الرقمية، رغم ما توفره من فرص تنموية هائلة، فتحت الباب أمام انتشار غير مسبوق للجرائم الإلكترونية، التي باتت تمسّ بشكل مباشر الاقتصادات الوطنية واستقرار المجتمعات. وأبرز أن هذه الجرائم تجاوزت الأبعاد الفردية لتصبح تهديداً حقيقياً للأمن والسيادة الدوليين، الأمر الذي يجعل من التعاون متعدد الأطراف ضرورة ملحّة لمواجهتها.

وأشار الوزير إلى أن المغرب كان من بين الدول التي ساهمت بفعالية في بلورة النص النهائي للمعاهدة، منذ انطلاق عمل اللجنة الحكومية المكلفة بإعدادها سنة 2021، بموجب قرار الجمعية العامة رقم 75/282. وقد شارك الوفد المغربي في جميع مراحل النقاش والصياغة، مقدماً مقترحات هدفت إلى ضمان التوازن بين متطلبات الأمن السيبراني وحماية الحقوق والحريات الفردية.

كما نوّه وهبي إلى أن بلوغ توافق دولي حول هذا النص لم يكن أمراً سهلاً، بالنظر إلى اختلاف المرجعيات القانونية والسياسية بين الدول، إلا أن الإرادة الجماعية وروح الانفتاح مكّنت من التوصل إلى اتفاق يُعدّ سابقة في التاريخ الأممي، حيث يُنشئ إطاراً قانونياً عالمياً موحداً لمحاربة الجريمة الرقمية بمختلف أشكالها.

ولفت الوزير إلى أن المغرب انخرط منذ سنوات في بناء منظومة وطنية متكاملة للأمن السيبراني، من خلال إصدار تشريعات حديثة وتحديث القوانين الجنائية والإجرائية، إلى جانب إحداث أجهزة متخصصة في مكافحة الجرائم المعلوماتية، مشدداً على أن المملكة تسعى إلى جعل الفضاء الرقمي فضاءً آمناً ومفتوحاً، يخدم التنمية ويحمي المواطن.

وأكد وهبي أن التعاون الدولي في مجال تبادل الأدلة الرقمية يمثل اليوم أحد أكبر التحديات أمام السلطات القضائية في العالم، داعياً إلى تفعيل آليات التنسيق بين الدول من أجل تسهيل الوصول إلى المعلومات الرقمية في إطار احترام السيادة الوطنية والقوانين الداخلية.

وتُعد هذه المعاهدة، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دجنبر الماضي، أول اتفاقية دولية شاملة مكرسة بالكامل لمكافحة الجرائم الإلكترونية. وستدخل حيز التنفيذ بعد مرور 90 يوماً على تصديق عدد كافٍ من الدول عليها. وتشمل المعاهدة مجموعة واسعة من الجرائم، أبرزها الاحتيال الإلكتروني، والقرصنة، وبرامج الفدية، والاستغلال الجنسي للأطفال، وغسل الأموال عبر الإنترنت، وهي ممارسات تكبد الاقتصاد العالمي خسائر بمليارات الدولارات سنوياً.

وبهذا التوقيع، يعزز المغرب مكانته كفاعل إقليمي ودولي في مكافحة الجريمة الرقمية، ويؤكد التزامه بدعم الجهود الأممية الرامية إلى إرساء فضاء رقمي أكثر أماناً وعدلاً وتوازناً بين الحرية والمسؤولية.

زر الذهاب إلى الأعلى