الأخبارالمغرب

سلطات إسبانيا تحقق في موجة عنف ضد مهاجرين مغاربة في مورسيا

شهدت منطقة طوري باتشيكو، الواقعة بإقليم مورسيا الإسباني، تطورات متسارعة عقب حادثة اعتداء على رجل مسن، سرعان ما تحولت إلى أزمة أمنية واجتماعية اتخذت طابعًا عنصريًا، وسط توتر متزايد بين بعض سكان البلدة والمهاجرين من أصول مغربية.

وتعود بداية الأحداث إلى صباح الأربعاء الماضي، حين تعرّض “دومينغو”، وهو رجل في الـ68 من عمره، لاعتداء جسدي أثناء قيامه بنزهته اليومية. الحادث أثار موجة تعاطف واسعة، انتهت بالدعوة إلى وقفة احتجاجية مساء الجمعة، نظمّتها جمعيات محلية للتنديد بالعنف.

لكن الاحتجاجات لم تسر كما كان متوقعًا، إذ تسللت إليها عناصر معروفة بتوجهاتها اليمينية المتطرفة، ما أدى إلى اندلاع أعمال عنف استهدفت مهاجرين شبانًا من الجالية المغربية. ووثّق شهود عيان ما وصفوه بـ”مطاردات ليلية”، رافقتها شعارات عنصرية واشتباكات متفرقة تدخلت الشرطة لتفريقها باستعمال العصي، خصوصًا في حي “سان أنطونيو”.

أمام هذا التصعيد، أعرب عمدة المدينة، بيدرو أنخيل روكا، عن قلقه من محدودية الإمكانات المحلية لمواجهة التوتر، بينما أعلنت مندوبة الحكومة المركزية، ماريولا غيفارا، إرسال تعزيزات من الشرطة الوطنية والحرس المدني، إلى جانب إقامة نقاط تفتيش إضافية لتأمين المدينة.

وزادت حدة التوتر بعد تداول رسائل تحريضية على مجموعات “تليغرام”، دعت صراحة إلى استهداف المهاجرين، فضلًا عن انتشار مقاطع فيديو مضللة نُسبت زورًا لحادث الاعتداء على “دومينغو”، ما استدعى تدخل الشرطة لنفي علاقتها بالواقعة والتأكيد على أن الفيديوهات تعود لمناطق أخرى.

وقد أسفرت الأحداث عن توقيف ستة أشخاص، من بينهم خمسة إسبان وشخص واحد من أصول مغاربية، وجهت إليهم تهم تتعلق بالاعتداء على قاصر مغربي والتنقل المشبوه. كما سُجلت خمس إصابات طفيفة نتيجة التراشق بالحجارة والزجاجات. ولا يزال المشتبه به الرئيسي في الاعتداء على المسن في حالة فرار، رغم تحديد هويته من قبل الأجهزة الأمنية.

سياسيًا، دخلت أطراف متعددة على الخط، حيث اتهمت أحزاب يسارية، مثل “سومار” و”اليسار الموحد” والحزب الاشتراكي، حزب “فوكس” اليميني المتطرف بالتحريض على الكراهية وتأجيج الأوضاع. وكتب أحد مسؤولي “سومار” أن ما يحدث “هو حملة مطاردة عنصرية بتحريض من اليمين المتطرف”. في المقابل، حمّل رئيس “فوكس” في مورسيا، خوسي أنخيل أنتيلو، مسؤولية الاعتداءات لما سماه بـ”الهجرة غير الشرعية”، ودعا إلى ترحيل من وصفهم بـ”المهاجرين غير النظاميين”. أما زعيم الحزب الشعبي، ألبيرتو نونييث فيخو، فدعا إلى تهدئة الأوضاع ومحاسبة جميع المتورطين في أعمال العنف، سواء أكانوا ضحايا أو معتدين.

وتبقى طوري باتشيكو، التي يُقدّر عدد سكانها بـ40 ألف نسمة، بينهم حوالي 30% من أصول مغاربية، تحت وقع الترقب والحذر. ورغم تأكيد السلطات على أن الوضع “تحت السيطرة”، فإنها لم ترفع حالة التأهب، في ظل استمرار الدعوات إلى تنظيم مظاهرات جديدة، ما يجعل السؤال الأهم مطروحًا: كيف تحولت حادثة فردية إلى أزمة مجتمعية معقدة؟

زر الذهاب إلى الأعلى