
اختُتمت فعاليات مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة مساء أمس السبت بعرض استثنائي جمع أبرز الألوان الموسيقية الأفريقية، حيث تحوّل فضاء “باب المكينة” إلى لوحة فنيّة تزاوجت فيها الألحان الروحية والإيقاعات التقليدية من غانا ومالي والمغرب.
انطلقت الأمسية مع فرقة “سبيروا” الغانية التي أدهشت الحضور بألحانها المبنية على آلة “السبيريوة” التقليدية، مصحوبة بقصص تروي قيم التضحية والأمل، مثل قصة العجوز الذي يزرع شجرةً يعلم أنه لن يراها تكبر، كرمز للعطاء دون انتظار مقابل.
ثم حمل الفنانون الماليون بقيادة عازف الهارب الأسطوري “بالاكي سيسوكو” الجمهور في رحلة روحانية عبر قصائد مغناة تختزل تراثًا موسيقيًا يجمع بين القداسة والحكمة، فيما تحوّل الفضاء إلى محراب للخشوع والتأمل.
شكّلت اللحظة التي التقى فيها الموسيقيون الغانيون والماليون مع فرقة “عيساوة” المغربية ذروة السهرة، حيث امتزجت إيقاعات الطبول الأفريقية مع التواشيح الصوفية المغربية في لوحة متناغمة، جعلت الجمهور يرقص ويصفّق في انسجام تام.
نجح المهرجان في نسخته الجديدة في تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، مؤكدًا أن الموسيقى لغة عالمية قادرة على تجسيد القيم الإنسانية المشتركة. تحت سماء فاس المرصعة بالنجوم، اختُتمت الدورة برسالة واضحة: “إفريقيا قارة موحّدة بنبضها، متنوعة بإبداعاتها، وقادرة على تحويل الاختلافات إلى جمال”.
بهذا الختام الباهر، يعيد مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة تأكيد مكانته كمنصة للحوار الثقافي وملتقى للقلوب عبر الفن، ليظلّ منارةً للأمل في عالم يعاني من الانقسامات.