الأخبارثقافة

مهرجان كناوة 2025: ثلاث ليالٍ من الإيقاع والتنوع الثقافي

في الفترة ما بين 19 و21 يونيو، عاشت الصويرة على إيقاع مهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي حوّل المدينة إلى مسرح مفتوح للاحتفال، والتلاقح الثقافي، والعيش المشترك. ثلاث ليالٍ من الفرح واللقاء، مزجت فيها الإيقاعات الإفريقية والكوبية مع روح كناوة، فاهتزت المدينة بأكملها على وقع الطبول والأنغام القادمة من مختلف القارات.

اختتمت الدورة السادسة والعشرون من هذا الحدث الكبير بإجماع جماهيري تجاوز 300 ألف مشارك، حجوا من كل حدب وصوب ليصنعوا معًا فسيفساء إنسانية وموسيقية نادرة.

بدايات قوية وبرنامج غني: انطلق المهرجان بعرض افتتاحي ضخم بساحة مولاي الحسن، قاده المعلمون المغاربة ورافقهم موسيقيون من السنغال وفرنسا، من بينهم حميد القصري، كيا لوم، عبير العابد، وفرقة بكالما. بعدها، توالت الأمسيات والعروض الموسيقية المبتكرة، من بينها لقاء استثنائي بين الجاز الأمريكي وكناوة، حمل توقيع حسام كانيا وماركوس غيلمور، بالإضافة إلى تجربة صوفية عميقة قادها كل من ضافر يوسف والمعلم مراد المرجاني.

واختتمت منصة الشاطئ لياليها على وقع الشباب، من خلال عروض سيمافنك، خالد سانسي، والنجم CKay، الذي أشعل الحماس في صفوف جمهور متنوع ومنفتح على كل الألوان.

مشاركة واسعة ووفاء جماهيري: 350 فنانًا من أكثر من 12 بلدًا، بينهم 40 معلم كناوي، تقاسموا المنصات مع جمهور وفيّ من كافة الأجيال: شباب، طلاب، عائلات، وعشاق أوفياء للمهرجان منذ بداياته. في أزقة المدينة، تناغمت اللغات واللهجات، واجتمع الناس حول قاسم مشترك: حب الموسيقى والانفتاح على الآخر.

منتدى حقوق الإنسان.. الثقافة والهجرة في صلب النقاش: تحت شعار “الحركية البشرية والديناميات الثقافية”، نظم منتدى حقوق الإنسان بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج دورته الثانية عشرة. وشهد المنتدى مداخلات مميزة، أبرزها الشاعرة فيرونيك تادجو، المؤرخ باسكال بلانشار، والمخرج إيليا سليمان، الذي لامس الحاضرين بشهادته الصادقة حول اللجوء والانتماء.

أجمع المشاركون على أن الهجرة، رغم صعوبتها، تخلق فرصًا ثقافية فريدة. وفي قلب هذا السياق، يصبح الإبداع فعل مقاومة، وطريقًا نحو الاندماج، وتأكيدًا للهوية.

حوار نادر بين الأكاديميين والمعلمين: في مبادرة فريدة، نظم كرسي UM6P للتقاطعات الثقافية والعولمة مائدتين مستديرتين جمعت بين الباحثين ومعلمي كناوة. لقاء انساني وعميق، اختلطت فيه لغة المعرفة الأكاديمية برواية التجربة الشفوية والحنكة الموسيقية، لتأكيد أن التراث ليس أرشيفًا، بل طاقة حية تُغذي الحاضر وتفتح آفاق المستقبل.

مدينة بكاملها تتحوّل إلى مهرجان: لم تقتصر العروض على الساحات الكبرى، بل امتدت إلى الزوايا، والأحياء القديمة، وبيت الذاكرة. الموسيقى الأمازيغية، والكردية، والعربية، تمازجت في فضاءات متعددة. وكان من بين أبرز اللحظات حفل فهد بنشمسي وفرقة “ذا لالاس” على شاطئ البحر، الذي مزج بين الروك، وكناوة، والموسيقى الشعبية، وجمع جمهورًا متنوعًا بكل الحواس.

تكوين، تبادل، وانفتاح على العالم: واصل المهرجان رهانه على تكوين الأجيال الصاعدة، من خلال “برنامج بيركلي في مهرجان كناوة”، الذي جمع 74 موسيقيًا شابًا من 23 جنسية، في إقامة فنية أشرف عليها أساتذة عالميون. تجربة غنية بالتبادل والابتكار.

تغطية إعلامية واسعة: الحدث لم يمر دون أن يلفت انتباه الإعلام الدولي، إذ غطى فعالياته أكثر من 250 صحفيًا ومصورًا من 14 دولة، من بينها الهند، والولايات المتحدة، وألمانيا، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا.

نحو دورة جديدة بنفس الروح: بشعار الجرأة والسخاء، أثبت مهرجان كناوة 2025 أن الموسيقى قادرة على كسر الحواجز، وبناء الجسور. على موعد جديد إذن، من 25 إلى 27 يونيو 2026، مع دورة تعد بأن تكون أكثر احتفاءً بالاختلاف، وأكثر انفتاحًا على المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى